محمود الغزنوىّ المدرّس بمدرسة الحلاويين ظاهر باب الجامع، وأقام عنده مدّة وسمع منه الفوائد المغربية، وروى لهم عن ابن العربى «١» والقاضى عياض بن موسى اليحصبى «٢» وأمثالهم، وأقام إلى سنة تسع وخمسين، واتفق أن يحيى بن هبيرة الوزير صنّف كتاب الإفصاح، وجمع له علماء المذاهب، وطلب فقيها مالكيا، فدلّوه على الأشيرىّ، فطلبه من نور الدين محمود بن زنكىّ «٣»، فسيّره إليه، فأكرمه وأنزله وأجرى له نزلا «٤»، وحضر قراءة كتاب الإفصاح «٥»، فمرّت مسألة- سأذكرها- واختلف كلامه وكلام ابن هبيرة، فسبقه عليه ابن هبيرة، وجرت بعد ما سأذكره بعد تمام ترجمته، إن شاء الله.
وحج من بغداذ سنة ستين وخمسمائة، وزار قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعياله معه، وضاق بهم وبه الحال، فخرج من المدينة، وترك أهله هناك، وذلك فى وسط السنة، وقصد الشام، ولقى نور الدين بظاهر حمص، وذكر له حاله، فوعده بخير. واتفق أنه مرض ومات فى شهر رمضان من سنة إحدى وستين