قلت: وهذا من الكسائىّ قبيح من وجوه: أحدها: «يدلى» لفظة قبيحة ولا سيّما فى هذه الحالة التى تعرّض لوصفها، ثم كونه ناط هذا الأمر بكون الأمين معه تغفّل، وقبيح معناه المفهوم منه: إذا رأى الأمين تحرّكت جوارحه؛ وهذا فى غاية الشّناعة. ووصف نفسه بالشّبق ردئ جدّا لمن يروم التعليم أو مقابلة الخليفة، ووصف كبر قمدّه وشدّة انتصابه أردأ وأقبح، ثم سؤاله عمّن يسكّنه عنه؛ إنما يسأل مثل هذا العرّ من يقود العاهرات. فسبحان من أذهب رشده فى هذه الصورة «١»! ومن شعر الكسائىّ فى وصف النحو:
إنما النحو قياس يتّبع ... وبه فى كلّ أمر ينتفع
فإذا ما أبصر النحو الفتى ... مرّ فى المنطق مرّا فاتسع
فاتقاه كلّ من جالسه ... من جليس ناطق أو مستمع
وإذا لم يبصر النحو الفتى ... هاب أن ينطق جبنا فانقطع
فتراه ينصب الرفع وما ... كان من نصب ومن خفض رفع
يقرأ القرآن لا يعرف ما ... صرّف الإعراب فيه وصنع
والذى يعرفه يقرؤه ... وإذا ما شكّ فى حرف رجع
ناظرا فيه وفى إعرابه ... فإذا ما عرف اللحن صدع
فهما فيه سواء عندكم ... ليست السّنّة منا كالبدع
كم وضيع رفع النحو وكم ... من شريف قد رأيناه وضع
قال الكسائىّ: وقفت على نجار فقلت: بكم هذان البابان؟ فقال: