[سألته قبل يوم السّير مبعثه ... إليك ديوان تيم اللّات ماليتا «١»]
ولما عاد إلى المعرّة فى سنة أربعمائة لازم منزله، وشرع فى التّصنيف، وأخذ عنه الناس، وسار إليه الطّلبة من الآفاق، وقدّر له ابن أبى «٢» هاشم، فكتب عنه تصانيفه من غير أجرة.
وكاتبه العلماء والوزراء والفضلاء وأهل الأقدار، واختاروا عليه التصنيفات ففعل، وكان نادرة زمانه.
ولما دخل إلى العراق قصد من أكابرها الإعانة بجاههم على بلوغ أغراضه؛ من كف من تطرق أذاه إليه فى أمر وقفه، فلم يجد منهم ذلك.
أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمد الأصبهانىّ، «٣» أذننا إذنا عاما، قال فى كتابه:
أخبرنا أبو محمد عبد الله «٤» بن الوليد بن غريب الإيادىّ، بالإسكندرية- وأبو محمد هذا، على ما حكاه لى ولد بالمعرّة، ودخل أصبهان وغيرها من بلاد الشرق، ثم استوطن مصر، وقد حج ورأى نفرا من أدباء بلده، وكان يحفظ من شعرهم يسيرا، من جملتهم أبو العلاء التّنوخىّ- سمعته يقول:
دخلت على أبى العلاء وأنا صبىّ مع عمى أبى طاهر، نزوره، فرأيته قاعدا على سجادة لبد، وهو شيخ، فدعا لى ومسح على رأسى، وكأنى أنظر إليه الساعة، وإلى عينيه: إحداهما نادرة»