ويقولون: مات بعد سنة أربعمائة، ويزعمون أنه دخل اليمن. «١» وكأنهم خلطوا، وظنوا أن الذى دخل به من عند أبى العلاء هو المصنّف، وليس كذلك، وإنما هو المصحّح، ولم يحققوا أمره لغفلتهم.
ولأهل اليمن بهذا [الكتاب] عناية تامة: يقرءونه، وينسخونه ويتكلمون على فوائده، حتى شرحه منهم القاضى نشوان بن سعيد، «٢» فجاء كتابه فى شرحه كبيرا حسنا، كثير الفوائد، وسماه إعلام العلوم وشفاء كلام العرب من الكلوم.
وشاهدت على ظهر جزء من ديوان الأعشى بخط ابن وداع، «٣» وحواشيه بخط أبى عبد الله بن مقلة، فى شهور سنة تسع «٤» وثمانين بقفط: أن صالح بن مرداس صاحب حلب، خرج إلى المعرّة وقد عصى عليه أهلها، فنزل عليها، وشرع فى قتالها، ورماها بالمجانيق «٥». فلما أحسّ أهلها التغلّب سعوا إلى أبى العلاء، وسألوه الخروج إليه والشفاعة فيهم عنده، فخرج متوكّئا على يد قائد له. وقيل لصالح: إن باب المدينة قد فتح، وخرج منها رجل يقاد كأنّه أعمى. فقال صالح: هو أبو العلاء! بطّلوا القتال، إلى أن نرى فى أى أمر جاء. فلما وصل إلى الخيمة أذن له، وأكرمه عند دخوله عليه، وعرّفه شوقه إلى نظره. ولما استقر بمجلسه قال له: ألك حاجة؟
فقال له أبو العلاء: الأمير- أطال الله بقاه- كالسيف القاطع، لان متنه