وسألته عن قبر أبى العلاء، فقال: لا أعرفه، ولم أعلم حال المقبره ومن بها. وبينما أنا معه فى الحديث إذ حضر رجل من أهل المعرّة يعرف بساطع، كنت أعرفه بحلب قبل ذاك، فسألته عن قبر أبى العلاء، فقصدت إليه، وإذا هو فى ساحة من دور أهله، وعلى الساحة باب، فدخلنا إليه، فإذا القبر لا احتفال لأهله به، ورأيت على القبر خبّازى قد طلعت «١» وجفّت، والموضع على غاية ما يكون من الشّعث والإهمال، فزرته وقرأت عنده، وترحمت عليه، واعتذرت إليه مما تقدم- رحمه الله.
وذكر أنه قرئ بحضرته يوما أن الوليد لما تقدّم بعمارة جامع دمشق، أمر المتولين بعمارته ألّا يصنعوا حائطا إلا على جبل، فامتثلوا، وتعسّر عليهم وجود جبل لحائط جهة جيرون، وأطالوا الحفر امتثالا لمرسومه، فوجدوا رأس حائط مكين العمل، كثير الأحجار، يدخل فى عملهم، فأعلموا الوليد أمره، وقالوا: نجعل رأسه أسّا، فقال: اتركوه واحفروا قدامه، لتنظروا أسه وضع على حجر أم لا. ففعلوا ذلك، فوجدوا فى الحائط بابا عليه حجر مكتوب بقلم مجهول، فأزالوا عنه التراب بالغسل «٢»، ونزّلوا فى حفره «٣» لونا من الأصباغ، فتميّزت حروفه، وطلبوا من يقرؤها، فلم يجدوا ذلك، وتطلّب الوليد المترجمين من الآفاق، حتى حضر منهم رجل يعرف بقلم اليونانية الأولى، المسمّى ليطين، فقرأ الكتابة الموجودة فكانت:«باسم الموجد الأوّل أستعين.
لمّا أن كان العالم محدثا، لاتّصال أمارات الحدوث «٤» به، وجب أن يكون له محدث، لا كهؤلاء كما قال ذو السّنّين وذو اللّحيين وأشياعهما، [فوجبت عبادة خالق المخلوقات «٥»].