للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عن ابن عمر) (١).

٣٨ - " أبى الله أن يجعل لقاتل المؤمن توبة (طب) والضياء في المختارة عن أنس (صح) ".

(أبى الله) الإباء أشد الامتناع، والمراد أن حكمته تعالى وعدله وإنصافه منع من (أن يجعل لقاتل المؤمن) عمدًا (توبة) وإنما قيدنا بالعمد لأنه المراد لتقييد الآية له في قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: ٩٣] وقد ذهب ابن عباس وآخرون إلى هذا وأنه لا توبة [ص: ٢٩] لقاتل المؤمن عمدًا، وأن عمومات عدم قبول التوبة مخصصة بالقاتل، وقيل: إن كان يفتي من يظن أنه سيقتل بعدم التوبة، ويفتي من قتل بالتوبة، وقال ابن القيم: هما روايتان عن أحمد، واستدل من منع من قبول التوبة بأنه حق لآدمي لم يستوفه في دار الدنيا، وخرج بظلامته فلابدَّ أن يستوفيه في دار العدل، قالوا: والذي استوفاه الوارث حقه الذي خيره الله بين استيفائه والعفو عنه، وما ينفع المقتول من استيفاء وارثه، وأي استدراك لظلامته حصل باستيفاء وارثه واستدل من قال بالقبول أن التوبة تمحو أثر الشرك والسحر وما هو أعظم إثمًا من القتل، فكيف تقصر عن محو أثر القتل، وقد قبل الله توبة الكفار الذين قتلوا أولياءه، وجعلهم من خيار عباده، ثم قال ابن القيم (٢) بعد نقله لأدلة الفريقين: والتحقيق في هذه المسألة أن القتل يتعلق به ثلاثة حقوق: حق لله، وحق للمقتول، وحق للولي، فإذا سلم القاتل نفسه طوعًا واختيارًا إلى الولي وندمًا على ما فعل وخوفاً من الله عَزَّ وَجَلَّ وتوبة نصوحًا، سقط حق الله بالتوبة، وحق الولي بالاستيفاء أو العفو، وبقي حق المقتول يعوضه الله سبحانه يوم القيامة, عن عبده التائب المحسن، ويصلح بينه وبينه ولا يذهب


(١) أخرجه مسلم (٤٤٢) وأبو داود (٥٦٨)، والترمذي (٥٧٠)، وأحمد (٢/ ١٤٥).
(٢) الجواب الكافي (ص ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>