للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وهو الصدق بها، وهو أيضًا مقيد بالأحاديث الدالة على إن مات على ذلك التصديق دخل الجنة.

واعلم أنها لما وردت الأحاديث في فضل هذه الشهادة أنها تدخل قائلها الجنة، وقد علم يقينًا أن للإسلام فرائض من أخلّ بها أو بشيء منها لم يكن من أهل الجنة، كما وردت النصوص بذلك تأول النَّاس أحاديث كلمة الشهادة فمنهم من قال: إنها منسوخة، ومنهم من قال بغير ذلك، قال الحافظ المنذري (١): وقد ذهب جماعة من أساطين أهل العلم إلى أن مثل هذه الإطلاقات التي وردت فيمن قال لا إله إلا الله دخل الجنة. أو حرمت عليه النار، أو نحو ذلك، إنما كانت في ابتداء الإِسلام حين كانت الدعوة إلى مجرد الإقرار بالتوحيد، فلما فرضت الفرائض وحدت الحدود نسخ ذلك، والدلائل على هذا كثيرة متظاهرة ثم قال: وإلى هذا القول ذهب الضحاك والزهري وسفيان الثوري وغيرهم، وقالت طائفة أخرى: لا احتياج إلى ادعاء النسخ في ذلك، فإن كل ما هو من أركان الدين وفرائض الإسلام هو من لوازم الإقرار بالشهادتين، ومتمماته، فإذا أقر ثم امتنع عن شيء جاحدًا ومتهاونًا على تفاصيل في ذلك، وخلاف حكمنا عليه بالكفر، وعدم دخول الجنة والنجاة من النار، وهذا القول قريب، وقالت طائفة: التلفظ بكلمة التوحيد سبب يقتضي دخول الجنة والنجاة من النار: بشرط أن يأتي بالفرائض ويجتنب الكبائر وهذا قريب من الذي قبله انتهى.

قلت: أما النسخ فرده الإمام الحافظ مؤلف العواصم ما هو مبسوط في الجزء الثالث منها، وقد تأولت أيضًا بتقييدها بالموت على التوبة, وضعف بأنه لا ينبغي للمبشر بكلمة التوحيد [ص:٣٤] فضيلة أو بأنها مقيدة بعفو الله أو شفاعته صلى الله عليه وسلم أو يبعد الخروج من النار كما يدل له حديث: "نفعته يومًا من دهره


(١) الترغيب والترهيب (٢/ ٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>