للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مالك في الموطأ، وفيه زيادة في أوله، أخرجه الترمذي وصححه وأقره الحفاظ، ورواه البيهقي في الشعب.

٦٤ - " ابن آدم، أطع ربك تسمى عاقلا، ولا تعصه فتسمى جاهلاً (حل) عن أبي هريرة وأبي سعيد".

(ابن آدم) خطاب عام لكل بني آدم من المذكور والإناث والصبيان وغيرهم، والعقلاء والمجانين، إلا أنه خص العقلاء المكلفين لأدلة أخرى، وهو منادي، والمطلوب استمالة قلب السامع للإصغاء إلى ما يلقى إليه من قوله (أطع ربك) والطاعة الانقياد له في كل ما أمر به ونهى عنه، والتعيين بالرب مع إضافته إلى المخاطب إيقاظ له بأنه مملوك، وأن من شأن المملوك، طاعة مالكه، سيما إذا كان مفيضًا عليه إحسانه مسبلاً عليه امتنانه، مبتدئًا بإيجاده فضلاً وبإبقائه له، وإدرار نعمه عليه (تسمَّى عاقلاً)، لم يجزمه في جواب الأمر؛ لأنه لم يقصد السببية؛ لأنها لا يناسب هنا؛ لأنها تقضي بأنه ليس بعاقل إن لم يطع ربه، مع أنه عاقل أطاع أو عصى إذ هو مكلف إلا أنه لما كان عاصيًا كان كأنه غير مستحق؛ لأن يسمي عاقلاً فإنَّ العاقل من عقله غفلة عن معاصيه وحجزه عن مناهيه (ولا تعصه فتسمي جاهلاً) لأنه مع العصيان لا يستحق أن يسمي عاقلاً؛ لأنه اسم تشريف وتكريم لا يستحقه إلا من قام بمعناه؛ لأن من غمره مولاه ومالكه بالنعم وأفاض عليه من جوده ما لا يحيط به الإحصاء إذا عصاه كان من الجهل في رتبة هي أعظم رتب الجهل، ولا يستحق أن يكون من ذوي العقل ولذا جعلهم الله كالأنعام بل أضلّ، وخصّ تعالى الخطاب في القرآن بذوي الألباب تعريضًا بأن من لا لب له ينتفع به كالبهائم، ويأتي حديث أفلح من رزق لبًّا، وقال الفقهاء: وأعقل الناس أزهدهم؛ لأنه لا يزهد في الدنيا إلا أرغب الناس في طاعة مولاه ويأتي حديث: "الكيس من عمل لما بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>