للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يرد إلا الموجودين، ففيه نظر، فإن ظاهر الممادح الواردة في أهل البقاع مثل قوله: "أهل الشام سوط الله في الأرض" (١)، الحديث، ونحوه ما أريد بها الموجودون بل أهل ذلك المحل، في أي زمان، بل لا يصح في حديث أهل الشام إرادة الموجودين، فإنه صلى الله عليه وسلم تكلّم بهذا قبل إسلام أهل الشام، وما هذه من الشيخ أبي عمرو إلا نعته مذهبيه كأنه رأى أهل اليمن في عصره ليسوا من أهل المذاهب الأربعة فحمل الحديث على الموجودين علمًا أن الموجودين، عند تكلّمه - صلى الله عليه وسلم - بالحديث لم يكن الأكثر منهم قد أسلم، فإنه ذكر في شرح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم تكلَّم بهذا الحديث وهو في تبوك، ولم يكن حينئذ كل أهل اليمن قد أسلموا، بل البعض منهم، فلو حمل الحديث على الجماعة الذين أتوه صلى الله عليه وسلم من أهل اليمن لكان أوفق وأنسب لقوله: "أتاكم"، على أن هذه الأحاديث الواردة في الفضائل لقبيلة أو بلدة ليست عامةً للأفراد، بل هي خاصة في نوع من وردت فيه فلا ينافيها خروج أفراد عن تلك الفضيلة، والحق أن أهل اليمن في كل الأعصار منهم الأخيار، والأشرار ولا تنافي الحديث، كما أن أهل الشام كذلك فهي فضيلة للنوع لا للأفراد، وهي قاضية بأن الأخيار أغلب من الأشرار (أضعف قلوباً وأرق أفئدة) المشهور أن الفؤاد هو القلب وقيل: الفؤاد، عين القلب، وقيل: باطن القلب، وقيل: غشاء القلب ووصفها بالضعف والرقة إعلام بأنها سريعة الخشوع، والاستكانة والتأثر عند سماع القوارع سالمة من الغلظ والشدة والقسوة التي وصف بها صلى الله عليه وسلم قلوب أهل المشرق حيث قال: "رأس الكفر المشرق" وفي لفظ: "غلظ القلوب [ص: ٤٢] والجفاء في المشرق" والإيمان في أهل الحجاز، (الفقه) المراد به الفهم في الدين (يمان) أصله يمني فعوضت


(١) أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٢/ ٢٨٨)، وأحمد في المسند (٣/ ٤٩٩)، والطبراني في الكبير (٤/ ٢٠٩)، رقم (٤١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>