للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس الشيرازي في الألقاب (ك هب) عن سهل بن سعد (هب) عن جابر (حل) عن علي (صح) ".

(أتاني جبريل فقال: يا محمد عش ما شئت) العيش: الحياة، من عاش يعيش عيشًا ومعيشة والمراد بالأمر قدر في نفسك أي غاية تريدها في الحياة (فإنك ميت) وإذا كان لا بد من الموت فطويل الحياة وقصيرها سواء، كما قيل:

كل عمر يكون آخره الموت ... سواء طويله والقصير

وليس المراد بأن الإخبار بأن بعد الحياة موتًا، فإنه معلوم، بل المراد الاستعداد لأخذ الزاد والإرشاد إلى ذلك (وأحبب من أحببت فإنك مفارقه) إرشاد إلى قطع العلائق عن محبة كل من غاية حبه الفراق، ودلالة على محبة الإنسان لمن يلازمه، حيث كان في الدنيا في اليقظة والمنام والصحة والسقام، والغنى والإعدام، والشدة والرخاء، والممات والمحيا، فهو معه في لحده وقبره وحشره ونشره، وذلك مولاه الذي أوجده من العدم وغمره بما لا يحصيه من النعم، وهو الذي ينجيه من كل كرب وهم وغم وهو الذي يشفيه إن مسَّه السقم، كما قال الخليل: {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: ٧٩ - ٨٢]، (واعمل ما شئت) من خير وشر من باب قوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: ٤٠] , (فإنَّك ملاقيه) أي: ملاق جزاءه إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر [ص:٤٨].

وأعلم: الأمر بهذه الصيغة، لا يأتي إلا إذا كان بعده أمر عظيم له شأن وخطَر، وهو هنا قوله (إنَّ شرف المؤمن قيامه بالليل) والشرف: بتحريك فائه وعينه الغلو، وهو عند الناس معروف في شرف الدنيا، بمال أو جاء أو نسب فأخبر صلى الله عليه وسلم ونبه بهذه الصيغة على خطأ اعتقاد أن الشرف فيما ذكر بل هو في قيام الليل، والمراد: شرفه عند الله فإنه الشرف الحقيقي، وقيام الليل مراد به القيام بالعبادة

<<  <  ج: ص:  >  >>