للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٩٨ - " اتخذ الله إبراهيم خليلاً، وموسى نجيًّا، واتخذني حبيباً ثمَّ قال: وعزتي وجلالي لأوثرن حبيبي على خليلي ونجيي (هب) عن أبي هريرة (ض) ".

(اتخذ الله إبراهيم خليلاً) هو اقتباس من الآية، ودليل على جواز هذا الإطلاق، وفي النهاية، الخليل: الصديق، (و) اتخذ الله (موسى نجيًّا) في النهاية (١): أنه المناجي أي المخاطب للإنسان، يقال ناجاه يناجيه مناجاة، والنجي فعيل منه، وفي القرآن: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤] (واتخذني حبيبًا) هو المحبوب، وللناس كلام طويل في التفرقة بين الحبيب والخليل وأنهما أعظم منزلة [ص:٥١]، وقد أودع ذلك القاضي عياض في الشفاء (٢) قال: وأصل المحبة الميل إلى ما يوافق المحب لكن هذا في حق من يصح الميل منه والانتفاع بالموافق، وهي درجة المخلوق، فأما الخالق -جل جلاله- فمنزَّه عن الأعراض فمحبته لعبده تمكينه من سعادته وعصمته وتوفيقه وتهيئته للقرب، وإفاضة رحمته عليه وقصواها كشف الحجب عن قلبه حتى يراه بقلبه ويبصره ببصيرته، فيكون كما قال في الحديث: "فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به, وبصره الذي يبصر به, ولسانه الذي ينطق به" (٣)، ولا ينبغي أن يفهم من هذا سوى التجرد والانقطاع إليه، والإعراض عن غير الله، وصفاء القلب لله، وإخلاص الحركات لله، وفي الحديث دليل أن رتبة الحبيب أرفع من رتبة الخليل والنجي.

فإن قلت: قد نهى صلى الله عليه وسلم عن تفضيله على يونس بن متى، وقال: "لا تفاضلوا (٤)


(١) النهاية: (٥/ ٢٤).
(٢) الشفاء (١/ ١٦٢).
(٣) أخرجه البخاري (٦١٣٧ بغا)، وابن حبان (٣٤٧)، والبيهقي في السنن الكبرى (٣/ ٣٤٦) و (١٠/ ٢١٩).
(٤) أخرجه البخاري (٦٥١٨) ومسلم (٢٣٧٣) من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة=

<<  <  ج: ص:  >  >>