للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بصره، ما لابني يبكي، قالوا له: إنه أراد أن يجلس على المفرش فمنعوه، فقال عبد المطلب: دعوا ابني، فإنه يحس بشرف، أرجو أن يبلغ من الشرف ما لم يبلغ عربي قط (١)

وكان عبد المطلب خيرًا مع قومه، وكان يطعمهم الكبد والسنام (٢)

عن يزيد بن عياض، عن الزهري وحفص بن عمر، عن هشام بن الكلبي، عن أبيه، أن عبد المطلب كان إذا أتي بالطعام، أجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جانبه، وربما أقعده على فخذه، فيؤثره بأطيب طعامه. وكان رقيقًا عليه بآدابه. فربما أُتي بالطعام وليس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاضرًا فلا يمس شيئًا منه حتى يُؤتى به. وكان يفرش له في ظل الكعبة، ويجلس بنوه حول فراشه إلى خروجه، فإذا خرج، قاموا على رأسه مع عبيده، إجلالًا له وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتي وهو غلام جفر، فيجلس على الفراش فيأخذه أعمامه ليؤخروه، فيقول عبد المطلب: مهلًا، دعوا ابني ما تريدون منه. ثم يقول: دعوه فإن له شأنًا؛ أما ترونه؟ ويقبل رأسه وفمه ويمسح ظهره، ويسر بكلامه وما يري منه (٣)

قال محمَّد بن عمر بن واقد الأسلمي كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يكون مع أمه آمنه بنت وهب فلما توفيت قبضه إليه جده عبد المطلب وضمه ورق عليه رقة لم يرقها على ولده، وكان يقربه منه ويدنيه، ويدخل عليه إذا خلا وإذا نام، وكان يجلس على فراشه فيقول عبد المطلب: إذا رأى ذلك دعوا ابني إنه يؤنس مُلكًا. وقال قوم من بني مدلج لعبد المطلب: احتفظ به فإنا لم نر قدمًا أشبه بالقدم التي في المقام منه، فقال عبد المطلب لأبي طالب: اسمع ما يقول هؤلاء، فكان أبو طالب يحتفظ به، وقال عبد المطلب لأم أيمن، وكانت تحضن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: يا بركة لا


(١) الأزرقي بسند حسن عن ابن عباس (١/ ٣١٤/ ٣١٥)
(٢) أخرجه أحمد ٤/ ٤٤٤
(٣) البلاذري ص ٨١، ابن إسحاق للتدمري ص ١٩٤ ج ١

<<  <   >  >>