للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي رواية قال: "لما أسلم عمر اجتمع الناس عند داره، فقالوا: صبأ عمر -وأنا غلام فوق ظهر بيتي- فجاء رجل عليه قباء من ديباج، فقال: صبأ عمر، فما ذاك؟ فأنا له جار، فرأيت الناس تصدَّعوا عنه، فقلت: من هذا؟ قالوا: العاص بن وائل" (١).

[سبب إسلام عمر بن الخطاب]

عن أنس بن مالك، أن رجلًا من بني زهرة لقي عمر قبل أن يسلم، قال: وهو متقلد السيف، فقال: أين تعتمد يا عمر؟ فقال أريد أن أقتل محمدًا!! قال: فكيف تأمن في بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمدًا؟ قال: ما أراك إلا قد صبوت وتركت دينك الذي هو أنت عليه؟ قال: أفلا أدلك على العجب يا عمر؟ إن خَتَنك وأُختك قد صبوا وتركا دينهما الذي هما عليه.

قال: فمشى إليهما ذامرًا -قال إسحاق: يعني متغضِّبًا- حتى دنا من الباب، قال: وعندهما رجل يقال له: خباب يقريهما سورة (طه) (٢).

قال: فلما سمع خباب حس عمر دخل تحت سرير لهما. فقال: ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم؟ قالا: ما عدا حديثًا تحدثنا بيننا، فقال: لعلكما قد صبوتما وتركتما دينكما الذي أنتم عليه؟ فقال ختنه: يا عمر أرأيت إن كان الحق في غير دينك؟ قال: فأقبل على ختنه فوطئه وطئًا شديدًا، قال: فدفعته أخته عن زوجها، فضرب وجهها، فدمي وجهها، قال: فقالت له: أرأيت إن كان الحق في غير دينك؟ أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، قال: فقال عمر: أروني هذا الكتاب الذي كنتم تقرءون، قال: وكان عمر يقرأ الكتب، قال: فقالت أخته: لا، أنت رجس، أعطنا موثقًا من الله لتردنه علينا، وقم فاغتسل وتوضأ، قال: ففعل، قال: فقرأ عمر {طه (١) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ...} إلى قوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (١٤) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ


(١) قصة سبب إسلام عمر بن الخطاب التي في سيرة ابن إسحاق ص ٣٤٣ وضربه لأخته حسنه جدًا.
(٢) أخرج الحديث الضياء في المختارة، وأخرجه البيهقيُّ في دلائل النبوة ٢/ ٢١٩، وأخرجه سنن النبي وأيامه لابن سعد ٢/ ٤٨٤ وهي رواية متماسكة، وأخرجه ابن إسحاق ببعض ألفاظه ١/ ٣٤٢، وأخرجه الطبرانيُّ في الأوسط ٢/ ٥١٢ برقم ١٨٨١ وأخرجه الهيثمي في المجمع ٩/ ٦٢.

<<  <   >  >>