للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: جاء أبو سفيان بن حرب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمَّد نشدتك بالله قد أكلنا العلهز -يعني: الوبر والدم- فأنزل الله جل ذكره: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} (١).

روى البخاري بسنده عن عبد الله فقال: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رأى من الناس إدبارًا قال: اللَّهم سبع كسبع يوسف. فأخذتهم سنة حصَّت كل شيء حتى أكلوا الجلود والميتة والجيف، وينظر أحدهم إلى السماء فيرى الدخان من الجوع. فأتاه أبو سفيان فقال: يا محمَّد، إنك تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا، فادع الله لهم. قال الله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} إلى قوله {إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (١٥) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} فالبطشة يوم بدر، وقد مضت الدخان والبطشة واللزام وآية الروم" (٢).

[خروج الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى الطائف]

" ومات أبو طالب وازداد من البلاء على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شدة، فعمد إلى ثقيف يرجو أن يؤووه وينصروه، فوجد ثلاثة نفر منهم سادة ثقيف وهم أخوةٌ عبد ياليل بن عمرو وحبيب بن عمرو، ومسعود بن عمرو، فعرض عليهم نفسه، وشكا إليهم البلاء وما انتهك قومه منه فقال أحدهم: أنا أسرق ثياب الكعبة إن كان الله بعثك بشيء قط، وقال الآخر: والله لا أكلمك بعد مجلسك هذا كلمة واحدة أبدًا، لئن كنت رسولًا لأنت أعظم شرفًا وحقًا من أن أكلمك. وقال الآخر: أعجز الله أن يرسل غيرك!! وأفشوا ذلك في ثقيف -الذي قال لهم- واجتمعوا يستهزئون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقعدوا له صفين على طريقه، فأخذوا بأيديهم الحجارة فجعل لا يرفع رجله ولا يضعها إلا رضخوها بالحجارة، وهم في ذلك يستهزئون ويسخرون، فلما خلص من صفيهم وقدماه تسيلان الدماء، عمد إلى حائط كرومهم فأتى ظل حبلة من الكرم فجلس


(١) رواه الطبراني في الكبير برقم [١٢٠٣٨] وابن حبان في صحيحه ٩٦٧.
(٢) كان هذا الحدث في السنة الخامسة قبل الهجرة.

<<  <   >  >>