للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا رسول الله، سلنا لربك وسلنا لنفسك وسلنا لأصحابك وأخبرنا ما لنا من الثواب على الله -عَزَّ

وجَلَّ- وعليك، فقال: "أما الذي أسأل لربي تؤمنوا به ولا تشركوا به شيئًا، وأما الذي أسأل لنفسي فإني أسألكم أن تطيعوني أهدكم سبيل الرشاد، وأسألكم لي ولأصحابي أن تواسونا في ذات أيديكم، وأن تمنعونا مما منعتم منه أنفسكم، فإذا فعلتم ذلك فلكم على الله الجنة وعلي" قال: فمددنا أيدينا فبايعناه. (١)

[بيعة العقبة الآخرة]

قال الإمام أحمد، رحمه الله تعالى: ثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن ابن خثيم، عن أبي الزبير، عن جابر قال: مكث رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بمكة عشر سنين يتبع الناس في منازلهم بعكاظ ومجنة وفي المواسم بمنى يقول: "من يؤويني من ينصرني حتى أبلغ رسالة ربي وله الجنة". حتى إن الرجل ليرحل من مضر أو اليمن إلى ذي رحمه فيأتيه قومه فيقولون: احذر غلام قريش لا يفتنك ويمشي بين رحالهم يدعوهم إلى الله وهم يشيرون إليه بالأصابع حتى بعثنا الله إليه من يثرب فآويناه وصدقناه فيخرج الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القرآن فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه حتى لم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإِسلام ثم ائتمروا جميعا فقلنا: حتى متى نترك رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، يطرد في جبال مكة ويخاف، فرحل إليه منا سبعون رجلا، حتى قدموا عليه في الموسم فواعدناه شعب العقبة فاجتمعنا عليه من رجل ورجلين حتى توافينا فقلنا: يا رسول الله نبايعك؟ قال: "تبايعونني على السمع والطاعة في النشاط والكسل والنفقة في العسر واليسر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن تقولوا في الله لا تخافوا في الله لومة لائم وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة" قال: فقمنا إليه فبايعناه وأخذ بيده أسعد بن زرارة وهو من أصغرهم فقال: رويدًا يا أهل يثرب فإنا لم نضرب أعناق الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة وقتل خياركم وأن تعضكم السيوف فإما أنتم قوم تصبرون على ذلك وأجركم على الله وأما أنتم قوم تخافون من أنفسكم جبينة


(١) رواه أحمد (٤/ ١٢٠).

<<  <   >  >>