[ذكر العقبة الآخرة وهم السبعون الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم]
روى ابن سعد بأسانيده المتعددة، قالوا: لما حضر الحج مشى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أسلموا بعضهم إلى بعض يتواعدون المسير إلى الحج وموافاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والإِسلام يومئذ فاش بالمدينة، فخرجوا وهم سبعون يزيدون رجلًا أو رجلين في خمر الأوس والخزرج وهم خمسمائة، حتى قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة، فسلموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم وعدهم من وسط أيام التشريق ليلة النفر الأول إذا هدأت الرجل أن يوافوه في الشعب الأيمن إذا انحدروا من منى بأسفل العقبة حيث المسجد اليوم، وأمرهم أن لا ينبهوا نائما ولا ينتظروا غائبا، قال: فخرج القوم بعد هدأة يتسللون الرجل والرجلان وقد سبقهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك الموضع معه العباس بن عبد المطلب ليس معه أحد غيره، فكان أول من طلع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رافع بن مالك الزرقي، ثم توافى السبعون ومعهم امرأتان، قال أسعد بن زرارة: فكان أول من تكلم العباس بن عبد المطلب فقال: يا معشر الخزرج إنكم قد دعوتم محمدًا إلى ما دعوتموه إليه، ومحمَّد من أعز الناس في عشيرته، يمنعه والله منا من كان على قوله، ومن لم يكن منا على قوله يمنعه للحسب والشرف، وقد أبى محمد الناس كلهم غيركم، فإن كنتم أهل قوة وجلد وبصر بالحرب واستقلال بعداوة العرب قاطبة ترميكم عن قوس واحدة، فارتأوا رأيكم وأتمروا بينكم ولا تفترقوا إلا عن ملأٍ منكم واجتماع، فإن أحسن الحديث أصدقه، فقال البراء بن معرور: قد سمعنا ما قلت وإنا والله لو كان في أنفسنا غير ما تنطق به لقلناه، ولكنا نريد الوفاء والصدق وبذل مهج أنفسنا دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: وتلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم القرآن ثم دعاهم إلى الله ورغبهم في الإِسلام وذكر الذي اجتمعوا له، فأجابه البراء بن معرور بالإيمان والتصديق ثم قال: يا رسول الله بايعنا فنحن أهل الحلقة ورثناها كابرًا عن كابر، ويقال إن أبا الهيثم بن التيهان كان أول من تكلم وأجاب إلى ما دعا إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصدقه، وقالوا: نقبله على مصيبة الأموال وقتل الأشراف، ولغطوا، فقال العباس بن عبد المطب: وهو أخذ بيد رسول الله صلى الله