روى الترمذيُّ بسنده عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "لقد قرأتها -يعني سورة الرحمن- على الجن ليلة الجن، فكانوا أحسن مردودًا منكم, كنت كلما أتيت على قوله {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} قالوا: ولا بشيءٍ من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد"(١).
[ليلة الجن في المرة الثانية]
أخرج الترمذيُّ في جامعه قال: حدثنا محمَّد بن بشار أخبرنا محمَّد بن أبي عدي عن جعفر بن ميمون عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي عثمان عن ابن مسعود قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشاء ثم انصرف فأخذ بيد عبد الله بن مسعود حتى خرج به إلى بطحاء مكة، فأجلسه ثم خط عليه خطًا، ثم قال: لا تبرحن خطك فإنه سينتهي إليك رجال فلا تكلمهم فإنهم لن يكلموك ثم مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث أراد، فبينا أنا جالس في خطي إذ أتاني رجال كأنهم الزط أشعارهم وأجسامهم لا أرى عروة ولا أرى قشرة وينتهون إليّ ولا يجاوزون الخط، ثم يصدرون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كان في آخر الليل، لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد جاءني وأنا جالس فقال: لقد آذاني هؤلاء منذ الليلة، ثم دخل عليّ في خطي فتوسد فخذي ورقد، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رقد نفخ، فبينا أنا قاعد ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوسد فخذي إذا أنا برجال عليهم ثياب بيض الله أعلم ما بهم من الجمال، فانتهوا إليّ، فجلس طائفة منهم عند رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطائفة منهم عند رجليه، ثم قالوا بينهم: ما رأينا عبدًا قط أوتي مثل ما أوتي هذا النبي - صلى الله عليه وسلم -، إن عينيه تنامان وقلبه يقظان، اضربوا له مثلًا: مثل سيد بنى قصرًا ثم جعل مائدة فدعا الناس إلى طعامه وشرابه، فمن أجابه أكل من طعامه وشرب من شرابه، ومن لم يجبه عاقبه أو قال: عذبه ثم ارتفعوا واستيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك. فقال: سمعت ما قال هؤلاء، وهل تدري من هم؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: هم الملائكة، فتدري ما المثل الذي ضربوه؟ قلت: