للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان أكرم منه، كان إذا بلغ المنزل أناخ بي ثم استأخر عني، حتى إذا نزلت عنه استأخر ببعيري فحط عنه ثم قيده في الشجرة، ثم تنحى إلى الشجرة فاضطجع تحتها، فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فقدمه فرحله، ثم استأخر عني فقال: اركبي، فإذا ركبت فاستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه، فقاد بي حتى ينزل بي، فلم يزل يصنع ذلك بي حتى أقدمني المدينة، فلما نظر إلى قرية بني عمرو بن عوف بقباء قال: زوجك في هذه القرية، وكان أبو سلمة بها نازلًا، فادخليها على بركة الله، ثم انصرف راجعا إلى مكة قال: فكانت تقول: والله ما أعلم أهل بيت في الإِسلام أصابهم ما أصاب آل أبي سلمة، وما رأيت صاحبًا قط أكرم من عثمان بن طلحه (١).

روى بسنده (٢) عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: إنها لما قدمت المدينة أخبرتهم أنها ابنة أبى أميه بن المغيرة؛ فكذبوها ويقولون: ما أكذب الغرائب حتى أنشأ ناس منهم إلى الحج فقالوا: ما تكتبين إلى أهلك فكتبت معهم فرجعوا إلى المدينة يصدقونها فازدادت عليهم كرامة (٣).

روى بسنده عن أم سلمة قالت: يا رسول الله، لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة (٤)، فأنزل الله تعالى {أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} (٥).

[هجرة الصحابة رضوان الله عليهم إلى المدينة]

قال ابن إسحاق: ثم كان أول من قدمها من المهاجرين بعد أبي سلمة: عامر بن ربيعة، حليف بني عدي بن كعب، معه امرأته ليلى بنت أبى حثمة بن غانم بن عبد الله


(١) الخير في عيون الأثر (ج ١/ ١٧٣).
(٢) مسند الإمام أحمد: ج ٦/ ٣٠٧.
(٣) أخرجه الحاكم في المستدرك (ج٤/ ١٩) والبيهقيُّ في السنن (ج ٧/ ٣٠١)، وفي الدلائل (ج ٣/ ٤٦٤) وابن سعد في الطبقات (ج ٨/ ٩٣). ذكر ابن عبد البر في الدرر: (ص:٦٩): أن أبا سلمة حبست عنه امرأته أم سلمة بمكة نحو سنة.
(٤) الترمذيُّ: ج ٥/ ٢٣٧ كتاب تفسير القرآن باب ومن سورة النساء ح ٣٠٢٣.
(٥) آل عمران:١٩٥، والحديث أخرجه الحاكم في المستدرك (ج ٢/ ٣٠٠) وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه، وأقره الذهبي.

<<  <   >  >>