للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطاهرة البكر البتول، أنا خلقتك من غير فحل فجعلتك آية للعالمين، فإياى فاعبد. فبين لأهل سوران بالسريانية، بلغ من بين يديك أني أنا الحق القائم الذي لا أزول، صدقوا بالنبي الأمي العربي صاحب الجمل والمدرعة والعمامة، وهي التاج، والنعلين، والهراوة وهي القضيب، الجعد الرأس، الصلت الجبين، المقرون الحاجبين، الأنجل العينين الأقنى الأنف، الواضح الخدين، الكث اللحية، عرقه في وجهه كاللؤلؤ، ريح المسك ينضح منه، كأن عنقه إبريق فضة، وكأن الذهب يجرى في تراقيه، له شعرات من لبته إلى سرته تجرى كالقضيب، ليس في بطنه شعر غيره، شثن الكف والقدم، إذا جاء مع الناس غمرهم، وإذا مشى كأنما يتقلع من الصخر ويتحدر من صبب، ذو النسل القليل وكأنه أراد الذكور من صلبه.

هكذا رواه البيهقي في دلائل النبوة من طريق يعقوب بن سفيان. (١)

[بشارة الإنجيل به صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم]

أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك المدني عن موسى بن يعقوب الزمعي عن سهل مولى عتيبة أنه كان نصرانيًا من أهل مريس، وأنه كان يتيما في حجر أمه وعمه، وأنه كان يقرأ الإنجيل، قال: فأخذت مصحفًا لعمي فقرأته حتى مرت بي ورقة، فأنكرت كتابتها حين مرت بي ومسستها بيدي، قال: فنظرت فإذا فصول الورقة ملصق بغراء، قال: ففتقتها فوجدت فيها نعت محمد، - صلى الله عليه وسلم -، أنه لا قصير ولا طويل، أبيض، ذو ضفيرين، بين كتفيه خاتم، يكثر الاحتباء، ولا يقبل الصدقة، ويركب الحمار والبعير، ويحتلب الشاه، ويلبس قميصًا مرقوعا، ومن فعل ذلك برئ من الكبر، وهو يفعل ذلك، وهو من ذرية إسماعيل اسمه أحمد، قال سهل: فلما انتهيت إلى هذا من ذكر محمَّد، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، جاء عمي، فلما رأى الورقة ضربني وقال: مالك وفتح هذه الورقة وقراءتها؟ فقلت: فيها نعت النبي، صلى الله عليه وسلم، أحمد، فقال: إنه لم يأت بعد. (٢)


(١) السير لابن كثير مصطفى عبد الواحد [١/ ٣٣١]
(٢) طبقات ابن سعد [١/ ٣٦٣]

<<  <   >  >>