[خروج الرسول (صلى الله عليه وسلم) بأصحابه للصلاة في الشعب]
قال ابن إسحاق: وكان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلّوا، ذهبوا في الشِّعاب، فاستخفوا بصلاتهم من قومهم، فبينا سعد بن أبي وقاص في نفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شعب من شعاب مكة، إذ ظهر عليهم نفر من المشركين وهم يصلون، فناكروهم، وعابوا عليهم ما يصنعون حتى قاتلوهم، فضرب سعد بن أبي وقاص يومئذ رجلًا من المشركين بلحي بعير، فكان أول دم هريق في الإسلام.
روى الحاكم بسنده عن برة بنت أبي تجرأة قالت: كانت قريش لا تنكرُ صلاة الضحى إنما تنكرُ الوقت، وكان رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، إذا جاء وقت العصر تفرقوا إلى الشعاب فصلُّوا فرادى ومثنى، فمشى طليب بن عمير وحاطب بن عبد شمس يصلون بشعب أجياد، بعضهم ينظر إلى البعض، إذ هجم عليهم ابن الأصيدي وابن القبطية، وكانا فاحشين، فرموهم بالحجارة ساعةً، حتى خرجا وانصرفا وهما يشتدان وأتيا أبا جهل وأبا لهب وعقبة بن أبي معيط: فذكروا لهم الخبر فانطلقوا لهم في الصبح، وكانوا يخرجون في غلس الصبح فيتوضَّئون ويصلُّون، فبينما هم في شعبٍ إذ هجم عليهم أبو جهل وعقبة وأبو لهب وعدةٌ من سفهائهم فبطشوا بهم فنالوا منهم، وأظهر أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، الإسلام وتكلموا به ونادوهم وذبوا عن أنفسهم، وتعمد طليب بن عمير إلى أبي جهل فضربه شجةً فأخذوه وأوثقوه، فقام دونه أبو لهب حتى حله وكان ابن أخته. فقيل لأروى بنت عبد المطب ألا ترين إلى ابنك طليب قد اتَّبع محمدًا وصار عرضًا له، وكانت أروى قد أسلمت، فقالت: خير أيام طليب يوم يذبُّ عن ابن خاله، وقد جاء بالحق من عند الله تعالى، فقالوا: وقد اتَّبعتِ محمدًا؟ قالت: نعم، فخرج بعضهم إلى أبي لهب فأخبره فأقبل حتى دخل عليها فقال: عجبًا لكِ ولاتَّباعكِ محمدًا، أوتركت دين عبد المطلب؟ قالت: قد كان ذلك، فقم