عليه وسلم -: "وما الذي معك"؟ قال: مجلّة لقمان -يعنى حكمة لقمان- فقال له - صلى الله عليه وسلم -: "أعرضها عليّ"، فعرضها عليه؛ فقال له:"إنّ هذا لكلام حسن، والذي معي أفضل من هذا، قرآن أنزله الله تعالى عليّ، هو هدىً ونور". فتلا عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القرآن، ودعاه إلى الإِسلام، فلم يبعد منه، وقال: إن هذا لقول حسن. ثم انصرف عنه، فقدم المدينة على قومه، فلم يلبث أن قتلته الخزرج، فإن كان رجال من قومه ليقولون: إنَّا لنراه قد قتل وهو مسلم. وكان قتله قبل يوم بعاث (١).
[نزول العذاب على قريش]
روى البخاري بسنده عن مسروق قال:"دخلت على عبد الله فقال: إنَّ من العلم أن تقول لما لا تعلم: الله أعلم. إن الله قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}. إنَّ قريشًا لما غلبوا النبي - صلى الله عليه وسلم - واستعصوا عليه قال: اللَّهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف فأخذتهم سنة أكلوا فيها العظام والميتة من الجهد، حتى جعل أحدهم يرى ما بينه وبين السماء كهيئة الدخان من الجوع قالوا:{رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} فقيل له: إن كشفنا عنهم عادوا، فدعا ربه، فكشف عنهم فعادوا، فانتقم الله منهم يوم بدر، فذلك قوله تعالى:{يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} إلى قوله جل ذكره: {إِنَّا مُنْتَقِمُونَ}.
روى البخاري بسنده عن مسروق قال: "قال عبد الله: إن الله بعث محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وقال:{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رأى قريشًا استعصوا عليه فقال: اللَّهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف، فأخذتهم السنة حتى حصَّت كل شيء حتى أكلوا العظام والجلود، وقال أحدهم: حتى
(١) بعاث: يوم من أيام العرب كان بين الأوس والخزرج. والخبر في تاريخ الطبري ٢/ ٣٥١، ٣٥٢، وأنساب الأشراف ١/ ٢٣٨ رقم ٥٦٣.