للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}.

ونزل فيما ذكر من أمر عيسى بن مريم أنه يعبد من دون الله وعجب الوليد ومن حضره من حجته وخصومته: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} أي: يصدون عن أمرك بذلك من قولهم، ثم ذكر عيسى بن مريم فقال: {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (٥٩) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (٦٠) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا} أي: ما وضعت على يديه من الآيات من إحياء الموتى وإبراء الأسقام، فكفى به دليلًا على علم الساعة، يقول: فلا تمترن بها {وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}.

[أبو جهل ينفث حسده لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)]

روى البيهقي بسنده عن المغيرة بن شعبة قال: إن أول يوم عرفت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أني أمشي أنا وأبو جهل بن هشام في بعض أزقة مكة، إذ لقينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لأبي جهل: (يا أبا الحكم! هلم إلى الله وإلى رسوله، أدعوك إلى الله).

فقال أبو جهل: يا محمَّد! هل أنت منته عن سب آلهتنا؟ هل تريد إلا أن نشهد أنك قد بلغت؟ فنحن نشهد أن قد بلغت، فوالله، لو أن أعلم أن ما تقول حق لاتبعتك.

فانصرف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وأقبل علي فقال: والله، إني لأعلم أن ما يقول حق، ولكن يمنعني شيء، إن بني قصي قالوا: فينا الحجابة. فقلنا: نعم. ثم قالوا: فينا السقابة. فقلنا: نعم. ثم قالوا: فينا الندوة. فقلنا: نعم. ثم قالوا: فينا اللواء. فقلنا: نعم. ثم أطعموا وأطعمنا، حتى إذا تحاكت الركب قالوا: منا نبي! والله لا أفعل.

<<  <   >  >>