فيزعم علماء أوَّليَّةِ قريش: أن باب الكعبة إلى الحجر الأسود بالنصف من جانبها الذي يلي اليمن -صار في سهم بني عبد مناف. فلما انتهى البنيان إلى موضع الحجر الأسود تنافسوا في رفعه، وتحاسدوا عليه، فحكموا فيه أول رجل يطلع عليهم. فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -فيما بلغنا- ذلك الرجل، فأعانوه على رفعه على إصلاح منهم وجماعة. فيزعمون أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وضعه وسط ثوب، ثم قال لهم: خذوا بزواياه وجوانبه كلها، وكان رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، هو الذي يرفع الحجر، فوضعه بيده موضعه، وذلك قبل مبعثه بخمس عشر سنة.
قال وزعم عبد الله بن عباس: أن أولية قريش [كانوا يحدثون أن رجالا من قريش] لما اجتمعوا لينزعوا الحجارة، وانتهوا إلى تأسيس إبراهيم وإسماعيل [عليهما السلام] عمد رجل منهم إلى حجرٍ من الأساس الأول، فرفعه وهو لا يدري أنه من الأساس الأول، فأبصر القوم برقة تحت الحجر كادت تلتمع بصر الرجل، ونزل الحجر من يده فوقع في موضعه، وفزع الرجل والبُنَاةُ، فلما ستر عنهم الحجر ما تحته عادوا إلى بنيانهم، وقالوا: لا تحركوا هذا الحجر ولا شيئًا بحذائه. فلما انتهوا إلى أُسِّ البيت الأول وجدوا في حجر منها -فلا أدري لعله ذكر أنه في أسفل المقام- كتابا لم يدروا ما هو حتى جاءهم حَبْرٌ من يهود اليمن فنظر إلى الكتاب فحدثهم. أنه قد قرأه، فاستحلفوه: لتحدثنا بما فيه، ولتصدقنا عنه فأخبرهم أن فيه: أنا الله ذو بكة، حرمتها يوم خلقت السموات والأرض والشمس والقمر ويوم وضعت هذين الجبلين، وحففتهما بسبعة أملاك حنفاء. (١)
[حديث بنيان الكعبة وحكم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين قريش في وضع الحجر]
سبب هذا البنيان: قال ابن إسحاق: فلما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسًا وثلاثين سنة اجتمعت قريش لبنيان الكعبة وكانوا يهمون بذلك، ليسقفوها ويهابون هدمها وإنما كانت رضما فوق القامة فأرادوا رفعها وتسقيفها، وذلك أن نفرا سرقوا كنزًا للكعبة، وإنما كان يكون في بئر في جوف الكعبة، وكان الذي وجد عنده الكنز دويكًا مولى لبني مليح بن عمرو من خزاعة. قال ابن هشام: فقطعت قريش يده. وتزعم قريش أن الذين