للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمم من نقمة الله، خلفه في مجلسه إذا قام، ثم قال: أنا والله يا معشر قريش، أحسن حديثًا منه، فهلم إليَّ فأنا أحدثكم أحسن من حديثه، ثم يحدثهم عن ملوك فارس، ورستم واسفنديار، ثم يقول: بماذا محمد أحسن حديثًا مني؟.

قال ابن هشام: وهو الذي قال فيما بلغني؛ سأنزل مثل ما أنزل الله.

قال ابن إسحاق: وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: فيما بلغني: نزل فيه ثمان آيات من القرآن: قول الله -عَزَّ وجَلَّ-: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} (١). وكل ما ذكر فيه من الأساطير من القرآن.

[قريش تسأل أحبار اليهود في شأنه عليه الصلاة والسلام]

فلما قال لهم ذلك النضر بن الحارث بعثوه، وبعثوا معه عقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة، وقالوا لهما: اسألاهم عن محمد، وصفا لهم صفته، وأخبراهم بقوله، فإنهم أهل الكتاب الأول، وعندهم علم ليس عندنا من علم الأنبياء، فخرجا حتى قدما المدينة، فسألا أحبار يهود عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ووصفا لهم أمره، وأخبروهم ببعض قوله، وقالا لهم: إنكم أهل التوراة، وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا؛ فقالت لهما أحبار اليهود: سلوه عن ثلاث نأمركم بهن، فإن أخبركم بهن فهو نبيّ مرسل، وإن لم يفعل فالرجل متقول، فروا فيه رأيكم. سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم؛ فإنه قد كان لهم حديث عجب، وسلوه عن رجل طوّاف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه، وسلوه عن الروح ما هي؟ فإذا أخبركم بذلك فاتبعوه، فإنه نبيّ، وإن لم يفعل، فهو رجل متقول، فاصنعوا في أمره ما بدا لكم. فأقبل النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن مناف بن قصيّ حتى قدما مكة على قريش، فقالا: يا معشر قريش، قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد، قد أخبرنا أحبار يهود أن نسأله عن أشياء أمرونا بها، فإن أخبركم عنها فهو نبيّ، وإن لم يفعل فالرجل متقول، فروا فيه رأيكم.

[قريش تسأل والرسول يجيب]

فجاءوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا محمد، أخبرنا عن فتية ذهبوا في الدهر الأول قد كانت لهم قصَّة عجب، وعن رجل طوّافًا


(١) سورة القلم، الآية: ١٥.

<<  <   >  >>