للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واللات والعزى، إن كان للؤم بنا أن يتخلف ابن عبد الله بن عبد المطلب عن طعام من بيننا، ثم قام إليه فاحتضنه، وأجلسه مع القوم.

بحيرى يتثبت من محمَّد (صلى الله عليه وسلم)

فلما رآه بحيرى جعل يلحظه لحظًا شديدا، وينظر إلى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده من صفته حتى إذا فرغ القوم من طعامهم وتفرقوا، قام إليه بحيرى فقال: يا غلام أسألك بحق اللات والعزي إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه وإنما قال له بحيرى ذلك, لأنه سمع قومه يحلفون بهما فزعموا إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تسألني باللات والعزى شيئا فوالله ما أبغضت شيئًا قط بغضهما، فقال له بحيرى فبالله إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه، فقال له سلني عما بدا لك فجعل يسأله عن أشياء من حاله: من نومه وهيئته وأموره، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخبره فيوافق ذلك ما عند بحيرى من صفته، ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضعه من صفته التي عنده (١). قال ابن هشام: وكان مثل أثر المحجم.

[بحيرى يوصي أبا طالب بمحمد (صلى الله عليه وسلم)]

قال ابن إسحاق: فلما فرغ، أقبل على عمه أبو طالب، فقال له: ما هذا الغلام منك؟ قال: ابني. قال له بحيرى: ما هو بابنك، وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا، قال: فإنه ابن أخي، قال فما فعل أبوه؟ قال: مات وأمه حبلى به، قال: صدقت، فارجع بابن أخيك إلى بلده، واحذر عليه يهود، فوالله لئن رأوه، وعرفوا منه ما عرفت ليبتغنه شرا، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم، فأسرع به إلى بلاده.


(١) رواه ابن عساكر بسنده إلى أحمد بن عبد الجبار العطاردي, عن يونس بن بكير الشيباني، ابن إسحاق (١/ ٢٠٦) تحقيق التدمري.

<<  <   >  >>