للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهي امرأة فلو قمت، فقال: إنها لن تراني وقرأ قرآنًا اعتصم به، ثم قرأ {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} [سورة الإسراء آية ٤٥] قلت: فجاءت حتى وقفت على أبي بكر -رضي الله عنه- وهو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم تره فقالت: يا أبا بكر فأين صاحبك؟ قال: الساعة كان ها هنا قالت: إنه ذكر لي أنه هجاني وأيم الله إني لشاعرة وأن زوجي لشاعر ولقد علمت قريش أني بنت سيدها، قال سفيان قال الوليد في حديثه فدخلت الطواف فعثرت في مرطها فقالت: تعس مذمم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ألا ترى يا أبا بكر ما يدفع الله تعالى به عني من شتم قريش يسموني مذممًا وأنا محمد فقالت لها أم حكيم ابنة عبد المطب مهلًا يا أم جميل إني لحصان فما أكلم وثقاف فما أعلم وكلتانا من بني العم ثم قريش بعد أعلم. (١)

[سعي قريش في تطليق بنات الرسول من أزواجهن]

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد زوج عتبة بن أبي لهب رقية له أو أمَّ كلثوم. فلما بادى قريشًا بأمر الله تعالى وبالعداوة، قالوا: إنكم قد فرَّغتم محمدًا من همه، فردُّوا عليه بناته، فاشغلوه بهن. فمشوا إلى أبي العاص فقالوا له: فارق صاحبتك ونحن نزوجك أيّ امرأة من قريش شئت؛ قال لا والله، إني لا أفارق صاحبتي، وما أحب أن لي بامرأتي امرأة من قريش وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يثني عليه في صهره خيرًا، فيما بلغني. ثم مشوا إلى عتبة بن أبي لهب، فقالوا له: طلق بنت محمد ونحن ننكحك أيّ امرأة من قريش شئت؛ فقال: إن زوّجتموني بنت أبان بن سعيد بن العاص، أو بنت سعيد بن العاص فارقتها. فزوجوه بنت سعيد بن العاص وفارقها، ولم يكن دخل بها؛ فأخرجها الله من يده كرامةً لها، وهوانًا له، وخلف عليها عثمان بن عفّان بعده. (٢)


(١) [تاريخ مكة للأزرقي].
قال الحافظ بن حجر في الفتح رواه أبو يعلي بإسناد حسن، الفتح (٧/ ١١٧).
(٢) سيرة ابن هشام ج ١ - ٢ ص ٦٥٢.

<<  <   >  >>