للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسلم الإسلام، وتلا علي القرآن فلا والله سمعت قولا قط أحسن منه، ولا أمرًا أعدل منه. قال: فأسلمت وشهدت شهادة الحق، وقلت: يا نبي الله، إني امرؤ مطاع في قومي وأنا راجع إليهم، وداعيهم إلى الإسلام، فادع الله أن يجعل لي آية تكون لي عونًا عليهم فيما أدعوهم إليه فقال: "اللَّهم اجعل له آية".

قال: فخرجت إلى قومي، حتى إذا كنت بثنية (١) تطلعني على الحاضر (٢) وقع نور بين عيني مثل المصباح، فقلت: اللَّهم في غير وجهي. إني أخشى إن يظنوا أنها مثلة وقعت في وجهي لفراقي دينهم. قال: فتحول فوقع في رأس سوطي. قال: فجعل الحاضر يتراءون ذلك النور في سوطي كالقنديل المعلق، وأنا أهبط إليهم من الثنية، قال: حتى جئتهم فأصبحت فيهم.

إسلام والد الطفيل وزوجه: قال: فلما نزلت أتاني أبي، وكان شيخًا كبيرًا، قال: فقلت: إليك عني يا أبت، فلست منك ولست مني، قال: ولم يا بني؟ قال: قلت: أسلمت واتبعت دين محمد - صلى الله عليه وسلم -، قال: أي بني، فديني دينك، قال: فقلت: فاذهب فاغتسل وطهر ثيابك، ثم تعال حتى أعلمك ما علمت. قال: فذهب فاغتسل، وطهر ثيابه. قال: ثم جاء فعرضت عليه الإسلام فأسلم.

قال: ثم أتتني صاحبتي، فقلت إليك عني، فلست منك ولست مني، قالت: لم؟ بأبي أنت وأمي، قال: قلت: قد فرق بيني وبينك الإسلام، وتابعت دين محمد - صلى الله عليه وسلم -، قالت: فديني دينك، قال: قلت: فاذهبي إلى حنا ذي الشرى -قال ابن هشام: ويقال: حمى ذي الشرى- فتطهري منه.

قال: وكان ذو الشرى صنما لدوس، وكان الحمى حمى حموه له، وبه وشل (٣) من ماء يهبط من جبل.

قال: فقالت: بأبي أنت وأمي، أتخشى على الصبية من ذي الشرى شيئًا، قال: قلت: لا، أنا ضامن لذلك، فذهبت فاغتسلت، ثم جاءت فعرضت عليها الإسلام، فأسلمت.

ثم دعوت دوسا إلى الإسلام، فأبطئوا علي، ثم جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة فقلت له: يا نبي الله، إنه قد غلبني على دوس الزنا، فادع الله عليهم، فقال: "اللَّهم اهد


(١) الثنية: ما انفرج بين الجبلين.
(٢) الحاضر: القبيلة النازلة على الماء.
(٣) الوشل: الماء القليل.

<<  <   >  >>