خطيبكم اليوم، قال: فانتهينا إلى النجاشي وهو جالس في مجلسه وعمرو بن العاص عن يمينه وعمارة بن الوليد عن يساره والقسيسون والرهبان جلوس سماطين، وقد قال له: عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد إنهم لا يسجدون لك، قال: فلما انتهينا إليه دنونا، قال: من عنده من القسيسين والرهبان اسجدوا للملك، فقال جعفر: لا نسجد إلا لله -عَزَّ وجَلَّ-، قال له النجاشي: وما ذاك، قال: إن الله -عَزَّ وجَلَّ- بعث فينا رسولًا وهو الذي بشر به عيسى بن مريم -عليه السلام- برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئًا ونقيم الصلاة ونؤتي الزكاة وأمرنا بالمعروف ونهانا عن المنكر، قال: فأعجب النجاشي قوله فلما رأى ذلك عمرو بن العاص، قال: أصلح الله الملك إنهم يخالفونك في ابن مريم، قال النجاشي: ما يقول صاحبك في ابن مريم، قال يقول فيه قول الله -عَزَّ وجَلَّ- هو روح الله وكلمته وأخرجه من العذراء البتول التي لم يقربها بشر، قال: فتناول النجاشي عودًا من الأرض، فقال: يا معشر القسيسين والرهبان ما يزيد هؤلاء على ما نقول في ابن مريم ما يزن هذا مرحبًا بكم وبمن جئتم من عنده فأنا أشهد أنه رسول الله وإنه الذي بشر به عيسى بن مريم ولولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أحمل نعليه امكثوا في أرضي ما شئتم وأمر لنا بطعام وكسوة وقال: ردوا على هذين هديتهم (١).
[ذكر الهجرة الثانية للحبشة في شهر ذي القعدة]
حدثنا حسن بن موسى قال سمعت حديجًا أخًا زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إلى النجاشي، ونحن نحو من ثمانين رجلًا، فيهم عبد الله بن مسعود، وجعفر، وعبد الله بن عرفطة، وعثمان بن مظعون،
وأبو موسى، فأتوا النجاشي، وبعثت قريش عمرو بن العاص، وعمارة بن الوليد، بهدية، فلما دخلا على النجاشي، سجدا له، ثم ابتدراه عن يمينه وعن شماله، ثم قالا له: إن نفرًا من بني عمّنا نزلوا أرضك، ورغبوا عنَّا وعن ملتنا، قال: فأين هم؟ قال: هم في أرضك فابعث إليهم، فبعث إليهم، فقال جعفر: أنا خطيبكم اليوم، فاتبعوه، فسلم فلم يسجد، فقالوا له: مالك لا تسجد للملك؟