للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال عثمان: كذبت، نعيم الجنة لا يزول. قال لبيد بن ربيعة: يا معشر قريش، والله ما كان يؤذى جليسكم، فمتى حدث هذا فيكم؟ فقال رجل من القوم: إن هذا سفيه في سفهاء معه، قد فارقوا ديننا، فلا تجدن في نفسك من قوله؛ فرد عليه عثمان حتى شرى أمرهما، فقام إليه ذلك الرجل فلطم عينه فخضرها والوليد بن المغيرة قريب يرى ما بلغ من عثمان، فقال: أما والله يا ابن أخي كانت عينك عما أصابها لغنية، لقد كانت في ذمة منيعة. قال: يقول عثمان: بل والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى مثل ما أصاب أختها في الله، وإني لفي جوار من هو أعز منك وأقدر يا أبا عبد شمس؛ فقال له الوليد: هلم يا بن أخي، إن شئت فعد إلى جوارك؛ فقالا: لا.

روى محمد بن عمر بأسانيده المتعددة قالوا: لمّا قدم أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مكة من الهجرة الأولى اشتد عليهم قومهم وسطت بهم عشائرهم ولقوا منهم أذىً شديدًا، فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في الخروج إلى أرض الحبشة مرة ثانية، فكانت خرجتُهم الآخرة أعظمهما مشقة ولقوا من قريش تعنيفًا شديدًا ونالوهم بالأذى، واشتد عليهم ما بلغهم عن النجاشي من حسن جواره لهم، فقال عثمان بن عفان: يا رسول الله فهجرتنا الأولى وهذه الآخرة إلى النجاشي ولست معنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.: "أنتم مهاجرون إلى الله وإليّ، لكم هاتان الهجرتان جميعًا"، قال عثمان فحسبنا يا رسول الله؛ وكان عدّة من خرج في هذه الهجرة من الرجال ثلاثة وثمانين رجلًا، ومن النساء إحدى عشرة امرأة قرشية وسبع غرائب، فأقام المهاجرون بأرض الحبشة عند النجاشي بأحسن جوار (١).

أصحاب الهجرة الثانية إلى الحبشة (٢)

[من بني هاشم بن عبد مناف]

١ - جعفر بن أبي طالب: ومعه زوجه أسماء بنت عميس بقي في الحبشة حتى انتقل إلى المدينة سنة سبع.


(١) ابن سعد ج ١/ ٢٠٧.
(٢) قلت كانت الهجرة الثانية إلى الحبشة في شهر ذي القعدة من العام الخامس للبعثة الموافق للعام الثامن قبل الهجرة من عام٦٢٧ م.

<<  <   >  >>