ذكر بعضهم: أنه لما نزل عليه - صلى الله عليه وسلم - قوله تعالى:{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} اشتد ذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم - وضاق به ذرعًا، فمكث شهراً أو نحوه جالسًا في بيته حتى ظن عماته أنه شاكٍ، فدخلن عليه عائدات فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما اشتكيت شيئًا، لكن الله أمرني بقوله:{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} فأريد أن أجمع بني عبد المطب لأدعوهم إلى الله تعالى"، قلن: فادعهم ولا تجعل عبد العزى فيهم -يعنين عمه أبا لهب- فإنه غير مجيبك إلى ما تدعو إليه، وخرجن من عنده - صلى الله عليه وسلم -.
قال: فلما أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى بني عبد المطب فحضروا وكان فيهم أبو لهب، فلما أخبرهم. بما أنزل الله عليه أسمعه ما يكره؛ قال: تبًّا لك ألهذا جمعتنا؟ وأخذ حجرًا ليرميه به وقال له: ما رأيت أحدًا قط جاء بني أبيه وقومه بأشر ما جئتهم به. فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يتكلم في ذلك المجلس.
ثم مكث - صلى الله عليه وسلم - أيامًا ونزل عليه جبريل وأمره بإمضاء أمر الله تعالى، فجمعهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثانيًا وخطبهم ثم قال لهم: "إن الرائد لا يكذب أهله، والله لو كذبت الناس جميعًا ما كذبتكم، ولو غررت الناس جميعًا ما غررتكم، والله الذي لا إله إلا هو إني لرسول الله إليكم خاصةً وإلى الناس كافة، والله لتموتنَّ كما تنامون، ولتبعثنَّ كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، ولتجزون