الذي فرق جماعتنا، وشتت أمرنا، وعاب ديننا، فليكلمه ولينظر ماذا يرد عليه، فقالوا: ما نعلم أحدًا غير عتبة بن ربيعة، فقالوا: أنت يا أبا الوليد، فأتاه عتبة، فقال: يا محمد أنت خير ... أم عبد الله؟ فسكت - صلى الله عليه وسلم -، "ثم قال: أنت خير أم عبد المطلب؟ " فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك، فقد عبدوا الألهة التي عبتها، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع قولك، إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومه منك، فرقت جماعتنا، وشتت أمرنا، وعبت ديننا، وفضحتنا في العرب حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحرًا، [وأن في قريش كاهنًا، والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا لبعض بالسيوف حتى نتفانى أيها الرجل]، إن كان أنما بك الباءة، فاختر أي نساء قريش ولنزوجك عشرًا، وإن كان أنما بك الحاجة، جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلًا واحدا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أفرغت؟ قال: نعم، فقرأ رسول - صلى الله عليه وسلم -: {حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} حتى بلغ {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} فقال عتبة: حسبك حسبك ما عندك غير هذا؟ قال: لا، فرجع إلى قريش فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما تركت شيئًا أرى أنكم تكلمونه به إلا وقد كلمته به، فقالوا: فهل أجابك؟ قال: نعم، قال: لا والذي نصبها بنية [ما فهمت شيئًا مما قال، غير أنه أنذركم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود، قالوا: ويلك يكلمك رجل بالعربية لا تدري ما قال؟ قال: لا والله] ما فهمت شيئًا مما قال غير ذكر الصاعقة.
[عتبة بن ربيعة يفاوض الرسول (صلى الله عليه وسلم)]
قال ابن إسحاق: وحدثني يزيد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي، قال: حدثت أن عتبة بن ربيعة، وكان سيدًا، قال يومًا وهو جالس في نادى قريش، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس في المسجد وحده: يا معشر قريش، ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أمورًا لعله يقبل بعضها فنعطيه أيها شاء، ويكف عنا؟ وذلك حين أسلم حمزة، ورأوا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيدون ويكثرون؛ فقالوا: بلى يا أبا