في أصلها مكروبًا موجعًا، تسيل قدماه الدماء، وإذا في الكرم عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، فلما أبصرهما كره أن يأتيهما، لما يعلم من عداوتهما لله ولرسوله، وبه الذي به، فأرسلا إليه غلامهما "عداسًا" بعنب، وهو نصراني من أهل نينوى، فلما أتاه وضع العنب بين يديه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بسم الله، فعجب عداس، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أي أرض أنت يا عداس؟ قال أنا من أهل نينوى، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل مدينة الرجل الصالح يونس بن متى. فقال له عداس: وما يدريك من يونس بن متى؟ فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من شأن يونس ما عرف، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحقر أحدًا يبلغه رسالات الله تعالى، قال: يا رسول الله أخبرني خبر يونس بن متى، فلما أخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من شأن يونس بن متى ما أوحى إليه من شأنه، خرَّ ساجدًا للرسول - صلى الله عليه وسلم - ثم جعل يقبل قدميه وهما تسيلان الدماء، فلما أبصر عتبة وأخوه شيبة ما فعل غلامهما سكتا، فلما أتاهما قالا له: ما شأنك؟ سجدت لمحمد، وقبلت قدميه، ولم نرك فعلت هذا بأحد منا، قال: هذا رجل صالح حدثني عن أشياء عرفتها من شأن رسول بعثه الله تعالى إلينا يدعى يونس بن متى، فأخبرني أنه رسول الله فضحكا، وقالا: لا يفتنك عن نصرانيتك إنه رجل يخدع. ثم رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة".
[سعي الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إلى الطائف وموقف ثقيف منه]
قال ابن إسحاق: ولما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأذى ما لم تكن تنال منه في حياة عمه أبي طالب، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف، يلتمس النصرة من ثقيف، والمنعة بهم من قومه، ورجاء أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله -عَزَّ وجَلَّ-، فخرج إليهم وحده.
قال ابن إسحاق: فحدثني يزيد بن زياد، عن محمَّد بن كعب القرظي، قال: لما انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف، عمد إلى نفر من ثقيف، هم يومئذ سادة ثقيف وأشرافهم وهم أخوة ثلاثة: عبد ياليل بن عمرو بن عمير، ومسعود بن عمرو بن