كما أمره الله، لم يبعد منه قومه، ولم يردوا عليه -فيما بلغني- حتى ذكر آلهتهم وعابها؛ فلما فعل ذلك أعظموه وناكروه، وأجمعوا خلافه وعداوته، إلا من عصم الله تعالى منهم بالإسلام، وهم قليل مستخفون وحدب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمه أبو طالب، ومنعه وقام دونه، ومضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أمر الله، مظهرًا لأمره، لا يرده عنه شيء. فلما رأت قريش، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يعتبهم من شيء أنكروه عليه، من فراقهم وعيب آلهتهم، ورأوا أن عمه أبا طالب قد حدب عليه، وقام دونه فلم يسلمه لهم، مشى رجال من أشراف قريش إلى أبي طالب، عتبة وشيبة ابنا ربيعة بن عبد شمس. وأبو سفيان بن حرب.
قال ابن إسحاق وأبو البختري، واسمه العاص بن هشام بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة ابن كعب بن لؤي.
قال ابن إسحاق: والأسود بن المطلب بن أسد. وأبو جهل -واسمه عمرو، وكان يكنى أبا الحكم- بن هشام بن المغيرة. والوليد بن المغيرة. ونبيه ومنبه ابنا الحجاج بن عامر والعاص بن وائل. فقالوا: يا أبا طالب، إن ابن أخيك قد سب آلهتنا، وعاب ديننا، وسفه أحلامنا، وضلل آباءنا؛ فإما أن تكفه عنا، وإما أن تخلي بيننا وبينه، فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه، فنكفيكه، فقال لهم أبو طالب قولًا رفيقًا، وردهم ردًا جميلًا، فانصرفوا عنه.
[الرسول (صلى الله عليه وسلم) يستمر في دعوته]
ومضى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - على ما هو عليه يظهر دين الله، ويدعو إليه، ثم شرى الأمر بينه وبينهم حتى تباعد الرجال وتضاغنوا، وأكثرت قريش ذكر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بينها، فتذامروا فيه، وحضّ بعضهم بعضًا عليه.
[رجوع الوفد إلى أبي طالب مرة ثانية]
ثم إنهم مشوا إلى أبي طالب مرة أخرى، فقالوا له: يا أبا طالب، إن لك سنًا وشرفًا ومنزلةً فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على هذا