للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن إسحاق: ثم إنه مشى إلى زهير بن أبي أمية بن المغيرة عبد الله بن عمر بن مخزوم، وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب، فقال: زهير، أقد رضيت أن تأكل الطعام وتلبس الثياب، وتنكح النساء، وأخوالك حيث قد علمت، لا يباعون ولا يبتاع منهم، ولا ينكحون ولا ينكح إليهم؟ أما إني أحلف بالله أن لو كانوا أخوال أبي الحكم بن هشام، ثم دعوته إلى مثل ما دعاك إليه منهم، ما أجابك إليه أبدًا، قال: ويحك يا هشام! فماذا أصنع؟ إنما أنا رجل واحد، والله لو كان معي رجل أخر لقمت في نقضها حتى أنقضها، قال: قد وجدت رجلًا قال: فمن هو؟ قال: أنا، قال له زهير: أبغنا رجلًا ثالثًا.

فذهب إلى المطعم بن عدي، فقال له: يا مطعم أقد رضيت أن يهلك بطنان من بني عبد مناف وأنت شاهد على ذلك موافق لقريش فيه! أما والله لئن أمكنتموهم من هذه لتجدنهم إليها منكم سراعًا، قال ويحك فماذا أصنع؟ إنما أنا رجل واحد، قال: قد وجدت ثانيًا، قال: من هو؟ قال: أنا قال: أبغنا ثالثًا، قال: قد فعلت، قال: من هو؟ قال: زهير بن أبي أمية، قال: أبغنا رابعًا.

فذهب إلى البختري بن هشام، فقال له نحوًا مما قال للمطعم بن عدي، فقال: وهل من أحد يعين على هذا؟ قال: نعم، قال: من هو؟ قال: زهر بن أبي أمية، والمطعم بن عدي، وأنا معك، قال أبغنا خامسًا.

فذهب إلى زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد فكلمه، وذكر له قرابتهم وحقهم، فقال له: وهل على هذا الأمر الذي تدعوني إليه من أحد؟ قال: نعم؛ ثم سمى له القوم.

فاتعدوا خطم الحجون (١) ليلًا بأعلى مكة، فاجتمعوا هنالك. فأجمعوا أمرهم وتعاقدوا على القيام في الصحيفة حتى ينقضوها، وقال زهير: أنا أبدؤكم، فأكون أول من يتكلم. فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم، وغدا زهير ابن أميه عليه حلة فطاف بالبيت سبعًا، ثم أقبل على الناس فقال: يا أهل مكة، إنا أنأكل الطعام ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى لا يباع ولا يبتاع منهم، والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة.


(١) الخطم: المقدمة. والحجون: موضع بأعلى مكة.

<<  <   >  >>