الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالت: والله ما لي علم بصاحبك. فقال: اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه، فخرجت حتى جاءت أم جميل، فقالت: إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله؟ فقالت: ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله، وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك، قالت: نعم. فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعًا دنفًا. فدنت أم جميل وأعلنت بالصياح وقالت: والله إن قوما نالوا هذا منك لأهل فسق وكفر، وإني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم. قال: فما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: هذه أمك تسمع، قال: فلا شيء عليك منها، قالت: سالم صالح. قال: أين هو؟ قالت: في دار الأرقم، قال: فإن لله علي ألا أذوق طعامًا، ولا أشرب شرابًا، أو آتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فأمهلتا، حتى إذا هدأت الرجل، وسكن الناس، خرجتا به يتكئ عليهما، حتى أدخلتاه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فأكب عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقبله، وأكب عليه المسلمون، ورق له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رقة شديدة. فقال أبو بكر: بأبي وأمي يا رسول الله، ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي، وهذه أمي برة بولدها، وأنت مبارك فادعها إلى الله، وادع الله لها، عسى الله أن يستنقذها بك من النار، قال: فدعا لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودعاها إلى الله؛ فأسلمت، وأقاموا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الدار شهرًا، وهم تسعة وثلاثون رجلًا، وقد كان حمزة ابن عبد المطب أسلم يوم ضرب أبو بكر (وكان إسلام حمزة -رضي الله عنه- حمية، وكان يخرج فيصطاد فإذا رجع مر بمجلس قريش، فأقبل من رميه ذات يوم، فلقيته امرأة، فقالت: يا أبا عمارة ماذا لقي ابن أخيك من أبى جهل بن هشام؟ شتمه وتناوله وفعل وفعل، فأقبل حتى انتهى إلى ذلك المجلس، فإذا هم جلوس وأبو جهل فيهم، فاتكأ على قوسه ثم جمع يديه بالقوس فضرب بها رأس أبي جهل، ثم قال: أشهد أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنه جاء بالحق من عند الله).
وكان من أمر عمر بن الخطاب: أنه خرج ذات ليلة إلى الكعبة، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو قائم يصلي، فسمع شيئًا لم يسمع بمثله، وجعل يعجب من تأليف القرآن فوقع الإسلام في قلبه.
ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن الخطاب - أو لأبي جهل بن هشام -[فقال: "اللَّهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك: بعمر بن الخطاب، أو بعمرو