فوثب المشركون إليه، ووثب على عتبة، فبرك عليه وجعل يضربه، وأدخل أصبعه في عينيه؛ فجعل عتبة يصيح، فتنحى الناس، فقام عمر، فجعل لا يدنو منه أحد إلا أخذ بشريف ممّن دنا منه، حتى أعجز الناس (فما برح يقاتلهم ويقاتلونه، حتى قامت الشمس على رءوسهم قال: وطلح، فقعد وقاموا على رأسه، وهو يقول: افعلوا ما بدا لكم، فأحلف بالله أن لو قد كنا ثلاثمائة رجل لقد تركناها لكم، أو تركتموها لنا، قال: فبينما هم على ذلك، إذ أقبل شيخ من قريش، عليه حلة حبرة، وقميص موشى، حتى وقف عليهم، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: صبأ عمر، فقال: فمه، رجل اختار لنفسه أمرًا، فماذا تريدون؟! أترون بني عدي بن كعب يسلمون لكم صاحبهم هكذا، خلوا عن الرجل. قال: فوالله لكأنما كانوا ثوبًا كشط عنه. وكان هذا الرجل العاص بن وائل السهمي).
(قال: فبينما هو في الدار خائفًا (على نفسه) إذ جاءه العاص بن وائل السهمي -أبو عمرو- عليه حلته الحبرة وقميصه المكفوف بالحرير -وهو من بني سهم حلفاء بني عدي في الجاهلية- فقال: ما بالك (يا بن الخطاب؟) قال: زعم قومك أنهم سيقتلونني إن أسلمت، قال (العاص): لا سبيل إليك (فما عدا) بعد أن قالها أمنت (عليه)، قال عبد الله بن عمر: واجتمع الناس عند داره، وقالوا: صبأ عمر (وأنا غلام فوق ظهر بيتي، (وكان ابن خمس سنين) فخرج (عمر)(و) العاص، فلقي الناس قد سال بهم الوادي، فقال: أين تريدون؟ فقالوا: نريد هذا ابن الخطاب الذي صبأ. قال: قد صبأ عمر فما ذاك؟ فأنا له جار لا سبيل إليه (فارجعوا) فكر الناس، قال ابن عمر: فرأيت الناس تصدعوا عنه فعجبت من عزه).
واتبع المجالس التي كان يجالس فيها فيظهر الإيمان, ثم انصرف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو ظاهر عليهم. قال: ما عليك بأبي وأمي والله ما بقي مجلس كنت أجلس فيه بالكفر إلا أظهرت فيه الإيمان, غير هائب ولا خائف، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخرج عمر أمامه وحمزة بن عبد المطب، حتى طاف بالبيت وصلى الظهر مؤمنًا، ثم انصرف إلى دار الأرقم ومعه وحده، ثم انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم -.