للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لما أسعدهم الله وساق لهم من الكرامة، فآووا ونصروا فجزاهم الله عن نبيهم خيرًا، والله ما وفينا لهم كما عاهدناهم عليه إنا كنا قلنا لهم نحن الأمراء وأنتم الوزراء، ولئن بقيت إلى رأس الحول لا يبقى لي غلام إلا أنصاري. (١)

روى أبو نعيم بسنده عن علي بن أبي طالب قال: قال يومًا وهو يذكر الأنصار، وفضلهم وسابقتهم، ثم قال: إنه ليس بمؤمن من لم يحب الأنصار ويعرف لهم حقوقهم، هم والله ربوا الإسلام، كما يربى الفلو في فنائهم، بأسيافهم وطول ألسنتهم وسخاء أنفسهم، لقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج في المواسم فيدعو القبائل حتى أراد الله -عَزَّ وجَلَّ-، ما أراد بهذا الحي من الأنصار، فعرض عليهم الإسلام، فاستجابوا وأسرعوا وآووا ونصروا وواسوا، فجزاهم الله خيرا، قدمنا عليهم، فنزلنا معهم منازلهم، ولقد تشاحوا فينا، حتى أن كانوا ليقترعون علينا، ثم كنا في أموالهم أحق بها منهم، طيبة بذلك أنفسهم، ثم بذلوا مهج أنفسهم دون نبيهم - صلى الله عليه وسلم - وعليهم أجمعين. (٢)

عن عروة بن الزبير -رضي الله عنه- قال: لما حضر الموسم حج نفر من الأنصار: من بني مازن بن النجار: معاذ بن عفراء، وأسعد بن زرارة.

ومن بني زريق: رافع بن مالك، وذكوان بن عبد القيس.

ومن بني عبد الأشهل: أبو الهيثم بن التيهان.

ومن بني عمر بن عوف: عويم بن ساعدة.

وأتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبرهم خبره الذي اصطفاه الله به من نبوته وكرامته، وقرأ عليهم القرآن، فلما سمعوا قوله أنصتوا، واطمأنت أنفسهم إلى دعوته، وعرفوا ما كانوا يسمعون من أهل الكتاب من ذكرهم إياه بصفته، وما يدعوهم إليه، فصدقوه وآمنوا به، وكانوا من أسباب الخير، ثم قالوا له: قد علمت الذي بين الأوس والخزرج من الدماء، ونحن نحب ما أرشدك الله به أمرك، ونحن لله ولك مجتهدون، وإنا نشير عيك بما ترى، فامكث على اسم الله حتى نرجع إلى قومنا، فنخبرهم بشأنك، وندعوهم إلى الله ورسوله، فلعل الله يصلح بيننا، ويجمع أمرنا، فإنا اليوم متباعدون متباغضون، فإن تقدم علينا اليوم ولم نصطلح، لم يكن لنا جماعة عليك، ونحن نواعدك الموسم من العام القابل، فرضي رسول الله - صلى الله


(١) مجمع الزوائد ج ٦/ ٤٢.
(٢) دلائل أبي نعيم ج ١/ ٣٩٦.

<<  <   >  >>