للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسعد، ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين، ثم جاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون: هذا رسول الله قد جاء، فما جاء حتى قرأت: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} في سور مثلها. (١)

وفي رواية الطبراني:

ثم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: أن ابعث إلينا رجلًا من قبلك يدعو الناس بكتاب الله، فإنه أدنى أن يتبع، فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مصعب بن عمير أخا بني عبد الدار، فنزل في بني غنم على أسعد بن زرارة، فجعل يدعو الناس [سرًا]، ويفشو الإِسلام، ويكثر أهله، وهم في ذلك مستخفون بدعائهم، ثم إن أسعد بن زرارة أقبل هو ومصعب بن عمير حتى أتيا بئر مرق (٢) أو قريبًا منها، فجلسوا هنالك، وبعثوا إلى رهط من أهل الأرض، فأتوهم مستخفين، فبينما مصعب بن عمير يحدثهم، ويقص عليهم القرآن، أخبر بهم سعد بن معاذ، فأتاهم في لأمته، ومعه الرمح، حتى وقف عليه، فقال: علام يأتينا في دورنا بهذا الوحيد الفريد الطريح الغريب يسفه ضعفاءنا بالباطل ويدعوهم [إليه]، لا أراكما بعد هذا بشيء من جوارنا، فرجعوا، ثم إنهم عادوا الثانية ببئر مرق أو قريبًا منها، فأخبر بهم سعد بن معاذ الثانية، فواعدهم بوعيدٍ دون الوعيد الأول، فلما رأى أسعد منه لينًا، قال: يا ابن خالة اسمع من قوله، فإن سمعت منه منكرًا، فاردده يا هذا منه، وإن سمعت خيرًا فأجب الله، فقال: ماذا يقول؟ فقرأ عليهم مصعب بن عمير {حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} فقال سعد: وما أسمع إلا ما أعرف، فرجع وقد هداه الله تعالى، ولم يظهر أمر الإِسلام حتى رجع، فرجع إلى قومه، فدعا بني عبد الأشهل إلى الإِسلام، وأظهر إسلامه، وقال: من شك فيه من صغير أو كبير أو ذكر أو أنثى، فليأتنا بأهدى منه، نأخذ به،


(١) هذا حديث صحيح رواه البخاري ٨/ ٥٣٧.
قلت بعثه قبل الهجرة بعامين في شهر رجب بعد العقبة الثانية.
(٢) طرق التصحيح من كتاب المدينة وبين الماضي والحاضر للعياشي.

<<  <   >  >>