اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن سبعون رجلًا، منهم امرأتان، نسيبة بنت كعب، أم (عمارة)، إحدى بني مازن بن النجار، وأسماء بنت عمرو بن عدي بن نابي إحدى بني سلمة، وهي: أم منيع. قال: فاجتمعنا بالشعب، ننتظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جاءنا ليلتئذ مع عمه العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- وهو يومئذ على دين قومه، إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه، فيوثق له، فلما جلسنا كان العباس -رضي الله عنه- أول من تكلم، فقال: يا معشر الخزرج- قال: وكانت العرب يسمون هذا الحي من الأنصار الخزرج أوسها وخزرجها- إن محمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - منا حيث علمتم، وقد منعناه من قومنا، (ممّن) هو على رأينا، وهو في عز من قومه، ومنعة من بلده.
قال: قلنا: ما قلت. فتكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعى إلى الله -تعالى- ورغب في الإسلام، ثم قال صلى الله عله وسلم:"أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم".
قال: فأخذ البراء بن معرور -رضي الله عنه- بيده، ثم قال: نعم، والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا يا رسول الله فبايعنا فنحن والله أهل الحروب، وأهل الحلقة، ورثناها كابرًا عن كابر. فاعترض القول والبراء يكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو الهيثم ابن التيهان -حليف بني عبد الأشهل- فقال: يا رسول الله، إن بيننا وبين الناس حبالا، وإنا قاطعوها، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك، ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟
قال: فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال:"بل الدم بالدم، والهدم بالهدم، أنا منكم وأنتم مني، دمي مع دمائكم، وهدمي مع هدمكم، أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم".
وقد قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أخرجوا إلي اثنى عشر نقيبا يكونون على قومهم". فأخرجوا منهم اثنى عشر رجلا، تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس. (١)
وحدثني عبد الملك بن محمد، عن زياد بن عبد الله، قال: قال ابن إسحاق: وأما [معبد] بن كعب بن مالك فحدثني عن أخيه -عبد الله بن كعب، عن أبيه كعب بن مالك- رضي الله عنه- أنه كان يقول: أول من ضرب على يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البراء ابن معرور -رضي الله عنه- وتتابع القوم. فلما بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صرخ