متعرضين لشيء مما تكره، إلا تصديقًا لإجابتنا إياك وإيمانًا بك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجيبوه غير متهمين. فقال أسعد بن زرارة. وأقبل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن لكل دعوة سبيلا إن لينًا وإن شدة. وقد دغوتنا اليوم إلي دعوة متهجمة للناس متوعرة عليهم. دعوتنا إلى ترك ديننا واتباعك على دينك، وتلك رتبة صعبة، فأجبناك إلى ذلك. ودعوتنا إلى قطع ما بيننا وبين الناس من الجوار والأرحام القريب والبعيد، وتلك رتبة صعبة، فأجبناك إلى ذلك. ودعوتنا، ونحن جماعة في دار عز ومنعة لا يطمع فينا أحد، أن يرؤس علينا رجل من غيرنا قد أفرده قومه وأسلمه أعمامه، وتلك رتبة صعبة، فأجبناك إلى ذلك. وكلُّ هؤلاء الرتب مكروهة عند الناس، إلا من عزم الله له على رشده، والتمس الخير في عواقبها، وقد أجبناك إلى ذلك بألسنتنا وصدورنا إيمانًا بما جئت به، وتصديقًا بمعرفة ثبتت في قلوبنا. نبايعك على ذلك ونبايع الله ربنا وربك يد الله فوق أيدينا. ودماؤنا دون دمك وأيدينا دون يدك، نمنعك مما نمنع منه أنفسنا وأبناءنا ونساءنا، فإن نف بذلك فبالله نفي ونحن به أسعد، وإن نغدر فبالله نغدر ونحن به أشقى. هذا الصدق منا يا رسول الله، والله المستعان. ثم أقبل على العباس بن عبد المطلب بوجهه فقال: وأما أنت أيها المعترض لنا بالقول دون النبي صلى الله عليه وسلم، فالله أعلم ما أردت بذلك. ذكرت أنه ابن أخيك وأنه أحب الناس إليك. فنحن قد قطعنا القريب والبعيد وذا الرحم، ونشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرسله من عنده، ليس بكذاب.
وأن ما جاء به لا يشبه كلام البشر. وأما ما ذكرت أنك لا تطمئن إلينا في أمره حتى تأخذ مواثيقنا، فهذه خصلة لا نردها على أحد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فخذ ما شئت. ثم التفت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله خذ لنفسك ما شئت. واشترط لربك ما شئت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم، أشترط لربي -عَزَّ وجَلَّ- أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، ولنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأبناءكم ونساءكم. قالوا: فذلك لك يا رسول الله.