للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقمر إذا كان صَحوًا؟ " قلنا: لا. قال: "فإنّكم لا تُضارُون في رؤية ربِّكم يومئذ إلّا كما تُضارون في رؤيتهما" ثم قال: "ينادي منادٍ: ليذهبْ كلُّ قوم إلى ما كانوا يعبُدون. فيذهب أصحابُ الصَّليب مع صَليبهم، وأصحابُ الأوثان مع أوثانهم، وأصحابُ كلِّ آلهة مع آلهتهم، حتى يبقى من كان يعبُدُ اللَّهَ من بَرٍّ أو فاجر وغُبَّراتٌ من أهل الكتاب، ثمَ يُؤتى بجهنّم تَعْرِضُ كأنّها سراب، فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبدُ عُزيرًا ابن اللَّه، فيقال: كَذَبْتُم، لم يكن للَّه صاحبةٌ ولا ولد، فما تريدون؟ قالوا: نريد أن تَسقِيَنا. فيقال: اشربوا، فيتساقطون في جهنّم. ثم يقال للنصارى: ما كنتم تعبُدون؟ فيقولون: كنّا نعبد المسيحَ ابنَ اللَّه، فيقال: كذبتُم، لم يكن للَّه صاحبةٌ ولا ولد، فما تُريدون؟ قالوا: نريدُ أن تَسقيَنا. فيقال: اشربوا، فيتساقطون. حتى يبقى من كان يعبُدُ اللَّهَ بَرٍّ أو فاجر، فيقال لهم: ما يَحْبِسُكم وقد ذهبَ النّاس؟ فيقولون: إنّا (١) سمعنا مناديًا يُنادي: لِيَلْحَقْ كلُّ قوم بما كانوا يعبدون، وإنما ننتظر ربَّنا. قال: فيأتيهم الجبّارُ في صورة غير صورة (٢) رأوه فيها أوّلَ مرّة، فيقول: أنا ربُّكم فيقولون: أنت ربُّنا. فلا يُكَلِّمه إلّا الأنبياءُ فيُقال: هل بينكم وبينه آية تعرفونها (٣)؟ فيقولون: الساق، فيكشِفُ عن ساقه، فيسجُدُ له كلُّ مؤمن، ويبقى من كان يسجد رِياء وسمعة، فيذهبُ كيما يسجُدَ، فيعودُ ظهرُه طبقًا واحدًا، ثم يُؤتى بالجِسر فيُجعلُ بين ظهرَي جهنّم" قلنا: يا رسول اللَّه، وما الجسر؟ قال: "مَدْحَضَة مَزِلّةٌ، عليه خطاطيفُ وكلاليبُ وحَسَك (٤)، المؤمن عليه كالطَّرف (٥) وكالبرق وكالريح وكأجاوبد الخيل والرِّكاب (٦)، فناجٍ مُسَلَّم، وناج مخدوش، ومكدوس في نار جهنّم، ثم يَمْرُقُ آخرُهم يُسحبُ سحبًا، فما أنتم بأشدَّ لي مناشدةً في الحقِّ قد تبيّن لكم من المؤمنين يومئذ للجبّار، إذا رأَوا أنهم قد نجَوا في إخوانهم، يقولون: ربَّنا، إخوانُنا كانوا يُصَلُّون معنا ويصومون معنا (٧)، فيقول اللَّه: اذهبوا، فمن وَجَدْتُم في قلبه مثقال دينار من


(١) في البخاري: "فيقولون: فارقناهم ونحن أحوج منا إليه اليوم، وإنا. . . ".
(٢) في البخاري: "غير صورته التي".
(٣) في البخاري: "تعرفونه".
(٤) في البخاري: "وحسكة مفلطحة، لها شوكة عُقيفاء تكون بنجد يقال لها: السعدان".
(٥) أي طرف العين، كما في رواية مسلم.
(٦) الركاب: الإبل.
(٧) زاد في البخاري "ويعملون معنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>