للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٨٥) مسند الحارث الأشعريّ (١)

(١٤٠٠) حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا أبو خلف موسى بن خلف (٢) -وكان يُعَدُّ من البُدَلاء- قال: حدّثنا يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلّام عن جدّه ممطور عن الحارث الأشعريّ:

أنّ نبيَّ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنّ اللَّه عزّ وجلّ أمرَ يحيى بن زكريا عليه السلام بخَمْس كلمات أن يعملَ بهنَّ، وأن يأمرَ بني إسرائيل أن يعملوا بهنَّ. فكاد يُبطىءُ، فقال له عيسى: إنّك قد أُمِرْتَ بخمس كلمات أن تعملَ بهنّ وتأمرَ بني إسرائيل أن يعملوا بهنّ، فإمّا أن تُبَلِّغَهُنَّ وإمَّا أن أُبَلِّغَهُنَّ. فقال: يا أخي، إنّي أخشى إنّ سَبَقْتَني أن أُعَذَّبَ أو يُخسَفَ بي. قال: فجمع يحيى بن زكريا بني إسرائيل في بيت المقدسِ حتى امتلأ المسجدُ، فقعد على الشَّرَف، فحَمِدَ اللَّهَ وأثنى عليه، ثم قال: إنّ اللَّهَ أمَرَني بخمس كلمات أن أعملَ بهنّ وآمرَكم أن تَعملوا بهنّ:

فأوَّلُهنّ: أن تَعبدوا اللَّه ولا تُشركوا به شيئًا، فإنّ مَثَلَ ذلك مَثَلُ رجلٍ اشترى عبدًا من خالص ماله بوَرِق أو ذهب، فجعل يعمل ويؤدّي غَلَّته إلى غير سيّده، فأيُّكم يَسُرُّه أن يكونَ عبدُه كذلك؟ وإنّ اللَّه خَلَقكم ورزَقَكم، فاعبدوه ولا تُشركوا به شيئًا.

وآمُرُكم بالصّلاة، فإنّ اللَّه يَنْصِبُ وجهَه لوجه عبده ما لم يلتفت، فإذا صلَّيْتُم فلا تَلْتَفِتوا.

وآمُرُكم بالصِّيام، فإنّ مَثَلَ ذلك كمثلِ رجل معه صُرّةٌ من مِسك، في عصابةٍ كلُّهم يَجِدُ ريحَ المسك، وإن خُلوفَ فمِ الصائمِ عندَ اللَّهِ أطيبُ من ريح المسك.

وآمُرُكم بالصّدقة، فإنّ مَثَلَ ذلك كَمَثَلِ رجلٍ أسرَه العدوُّ، فشَدُّوا يدَيه إلى عنقه، وقَدّموه ليضربوا عنقَه، فقال لهم: هل لكم أن أفتديَ نفسي منكم؟ فجعل يفتدي نفسَه منهم بالقليل والكثير حتى فكَّ نفسَه.


(١) الآحاد ٤/ ٤٥٥، ومعرفة الصحابة ٢/ ٨٠٠، والاستيعاب ١/ ٢٨٩، والتهذيب ٢/ ١٢، والإصابة ٢/ ٢٧٤. وذكر في التلقيح ٣٧١ أن له ستة أحاديث.
(٢) ينظر التهذيب ٧/ ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>