للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدًا من خلقك! فيقول: أنا أُعطيكم أفضلَ من ذلك؟ قالوا: يا ربِّ، وأيُّ شيء أفضلُ من ذلك؟ قال: أُحِلُّ عليكم رِضواني فلا أسْخَطُ عليكم بعدَه أبدًا" (١).

الغُبَّرات: البقايا.

وأما ذكر الصورة فلا يجوز أن يُعتقد أن للحقِّ سبحانه صورة، لأن الصورة هي تحاطيط، وإنما المعنى: يأتيهم بأهوال القيامة والملائكة وما لم يعهدوا مثله، فيستعيذون باللَّه من تلك الحال، لأن في بعض ألفاظ هذا الحديث: "نعوذ باللَّه منك" فيأتيهم باللُّطف والرِّفق، وهي الصُّورة التي يعرفون، فيكشف عن ساق: أي عن شدّة، فكأنه يرفع تلك الشدائد، فيسجدون شكرًا (٢).

(١٩٨٦) الحديث السادس والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسن ورَوح قالا: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عُتبة عن أبي سعيد الخدري:

أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "افتخرت الجنّة والنّار، فقالت النّار: يا رَبِّ، يَدْخُلُني الجبابرةُ والمتكبِّرون والملوكُ والأشراف. وقالت الجنّة: أي ربِّ، يدخُلُني الضعفاءُ والفقراءُ والمساكينُ، فيقول اللَّه عزّ وجلّ للنار: أنت عذابي أصيبُ بك من أشاء، وقال للجنّة: أنتِ رحمتي وَسِعَتْ كلَّ شيء، ولكلِّ واحدةٍ منكما مِلؤُها. فيُلْقَى في النّار أهلُها، فيقول: هل من مزيد؟ ويُلقى فيها وتقول: هل من مزيد؟ ويُلْقى فيها وتقول: هل من مزيد، حتى يأتيَها تبارك وتعالى فيضعُ قدَمَه عليها، فتُزْوى فتقول: قَدْني قَدْني (٣)، وأمّا الجنّة فيبقى فيها ما شاء اللَّهُ أن يبقى (٤)، فيُنْشِىءُ اللَّهُ عزّ وجلّ لها خَلقًا ما يشاء" (٥).

قَدْني: بمعنى حسبي.


(١) المسند ١٨/ ٣٤٨ (١١٨٣٥)، والبخاري ١١/ ٤١٥ (٦٥٤٩)، ومسلم ٤/ ٢١٧٦ (٢٨٢٩) كلاهما من طريق مالك. وابن المبارك إمام ثقة. وعلي بن إسحاق ثقة، روى له الترمذي.
(٢) ينظر الأعلام للخطابي ١/ ٥٢٥، والفتاوى لابن تيمية ٦/ ٣٩٤، وكشف المشكل ٣/ ١٣٢.
(٣) ويروى "قدي" وهما بمعنى.
(٤) أثبت محقّق المسند رواية "فيبقي فيها أهلها ما شاء اللَّه أن يبقى".
(٥) المسند ١٧/ ١٦٣ (١١٠٩٩). قال الهيثمي في المجمع ٧/ ١١٥: رواه أحمد، ورجاله ثقات، لأن حمّاد بن سلمة روى عن عطاء بن السائب قبل الاختلاط. والحديث من طريق حمّاد في مسند أبي يعلى ٢/ ٤٨٣ (١٣١٣)، والسنّة ١/ ٣٦٨ (٥٤٠)، وصحيح ابن حبان ١٦/ ٤٩٢ (٧٤٥٤). ينظر الطريق التالي.

<<  <  ج: ص:  >  >>