للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صِبيانٌ، وإذا رجل قريب منه بين يديه نار، فهو يَحُشّها ويُوقدها، فصعدا بي في الشجرة فأدخَلاني دارًا لم أرَ قطُّ أحسنَ منها، فإذا فيها رجال وشباب، وفيها نساءٌ وصِبيان، فأخرجاني منها، فصَعِدا بي في الشجرة، فأدخلاني دارًا هي أحسنُ وأفضل، فيها شيوخ وشباب، فقلت لهما: أما إنّكما قد طوَّفْتُماني منذ الليلة، فأخبِراني عمّا رأيتُ. قالا: نعم.

أما الرجل الأول الذي رأيتَ فإنّه رجل كذّاب، يكذِبُ الكذبة فتُحْمَلُ عنه في الآفاق، فهو يُصنعُ به ما رأيتَ إلى يومِ القيامة، ثم يصنع اللَّه تبارك وتعالى به ما يشاء.

وأما الرجل الذي رأيتَ إلى يومِ القيامة، ثم يصنع اللَّه تبارك وتعالى به ما يشاء.

وأما الرجل الذي رأيتَ مستلقيًا، فرجلٌ آتاه اللَّه تبارك وتعالى القرآنَ، فنام عنه بالليل ولم يعمل بما فيه بالنهار، فهو يُفعل به ما رأيتَ إلى يوم القيامة.

وأما الذي رأيتَ في التَّنُّور فهم الزُّناة.

وأمّا الذي رأيتَ في النهر فذلك آكل الربا.

وأما الشيخ الذي رأيتَ في أصل الشجرة فذاك إبراهيم عليه السلام. وأما الصِّبيان الذين رأيت فأولاد النّاس.

وأما الرجل الذي رأيت يُوقِدُ النارَ ويَحُشُّها فذاك مالك خازن النارَ، وتلك النّار. وأما الدّار التي دخلْتَ أوّلًا فدار عامّة المؤمنين. وأما الدارُ الأخرى فدار الشهداء، وأنا جبريل، وهذا ميكائيل. ثم قالا لي: ارفعْ رأسك، فرفعت فإذا كهيئة السحاب، فقالا لي: وتلك دارُك. فقلتُ لهما: دَعاني أدخلْ داري، فقالا: إنه قد بقي لك عمل لم تَسْتَكمِلْه، فلو استكمَلْتَه دَخَلْتَ دارَك (١).

الطريقان متّفق عليهما (٢).

قوله: يَثْلَغُ بها رأسَه: أي يشدخه. والشَّدْخ: فَضْخُ الشيءِ الرَّطب بالشيء اليابس. وقوله: فيتدهدأ الحجر: أي يتدحرج.

ويشرشر شدقه: أي يقطعه ويشقّه.


(١) المسند ٥/ ١٤. وفي البخاري ٣/ ٢٥١ (١٣٨٦) من طريق موسى بن إسماعيل عن جرير، وفيه: قال يزيد ووهب بن جرير بن حازم. . .
(٢) ذكرنا ما أخرج مسلم منه. وينظر الجمع ١/ ٣٧٧ (٦٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>