للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدّثنا مَعان بن رِفاعة قال: حدّثني علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة قال:

خرجْنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في سَرِيّة من سراياه، قال: فمرّ رجلٌ بغار فيه شيءٌ من ماء، قال: فحدَّثَ نفسَه بأن يقيم في ذلك الغار، فيَقُوتُه ما كان فيه من ماء، ويُصيبُ ما حولَه من البَقل، ويتخلّى من الدنيا، ثم قال: لو أنّي أتيتُ نبيَّ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذَكَرْتُ ذلك له، فإن أذن لي فَعَلْتُ، وإلّا لم أفعل. فأتاه فقال: يا نبيَّ اللَّه، إنّي مَرَرْتُ بغار فيه ما يَقُوتُني من الماء والبَقل، فحدَّثَتْني نَفْسي بأن أقيمَ فيه وأخَلِّيَ نفسي من الدنيا. قال: فقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّي لم أُبعَثْ باليَهوديّة ولا بالنّصرانيّة، ولكنّي بُعِثْتُ بالحنيفيّة السَّمْحَةِ. والذي نفسي بيده، لغَدْوةٌ أو رَوحة في سبيل اللَّه خيرٌ من الدنيا وما فيها. ولَمَقام أحدِكم في الصَّفِّ خيرٌ من صلاته ستّين سنة" (١).

(٢٥٦١) الحديث التاسع والسبعون: وبالإسناد عن أبي أمامة قال:

مرَّ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في يومٍ شديد الحرّ نحوَ بقيع الغَرقد. قال: وكان النّاس يمشون خلفه، فلما سَمعَ صوتَ النِّعال وَقَرَ ذلك في نفسه، فجلسَ حتى قَدَّمَهم أمامه، لئلّا يقعَ في نفسه شيءٌ من الكِبر. قال: فلما مرّ ببَقيع الغَرْقَد إذا بقبرَين قد دَفنوا فيهما رجلين. قال: فوقف النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "من دَفَنْتُم هاهنا اليوم؟ " قالوا: يا نبيَّ اللَّه، فلان وفلان. قال: "إنّهما ليُعَذَّبان الآن ويُفْتَنان في قبرَيهما". قالوا: يا رسول اللَّه، وما ذاك؟ قال: "أما أحدُهما فكان لا يَتَنَزَّهُ من البول. وأما الآخر فكان يمشي بالنّميمة". وأخذ جريدةً رَطْبةً فشقَّها ثم جعلها على القبرين. قالوا: يا نبيَّ اللَّه، لِمَ فَعَلْت ذاك؟ قال: "ليُخَفَّف عنهما" قالوا: يا نبيَّ اللَّه، وحتى متى هما يُعَذّبان؟ قال: "غيبٌ لا يعلَمُه إلا اللَّه" قال: "ولولا تمرُّغُ (٢) قلوبِكم أو تَزَيُّدُكم في الحديث لَسَمِعْتُم ما أسمعُ" (٣).


(١) المسند ٥/ ٢٦٦. والكبير ٨/ ٢١٦ (٧٨٦٨) من طريق أبي المغيرة. وأعلّه الهيثمي في المجمع ٥/ ٢٨٢ بضعف علي بن يزيد. وفيه أيضًا معان والقاسم، ليسا قوبّين. فإسناده ضعيف.
(٢) تمرَّغ: تلوَّى في وجع.
(٣) المسند ٥/ ٢٦٦. والمعجم الكبير ٨/ ٢١٦ (٧٨٦٩) من طريق أبي المغيرة. قال الهيثمي - المجمع ١/ ٢١٣: رواه أحمد، وفيه علي بن يزيد بن علي الألهاني عن القاسم، وكلاهما ضعيف وفي ٣/ ٥٩ نسبه للطبراني وقال: وفيه علي بن يزيد، وفيه كلام! ! وقد روى الشيخان من حديث ابن عبّاس مرور النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على القبرين، وإخباره بسبب تعذيبهما، ووضعه الجريدة على قبرهما. ينظر الروايات في الجمع ٢/ ٢٠ (٩٩٨). كما روى مسلم عن أنس ٤/ ٢٢٠ (٢٨٦٨): "لولا ألّا تدافنوا لدعوتُ اللَّه أن يُسْمِعكَم عذابَ القبر".

<<  <  ج: ص:  >  >>