(٢٦٧٠) الحديث الثالث: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو كامل مُظَفَّر بن مُدْرِك قال: حدّثنا إبراهيم بن سعد قال: حدّثنا ابن شهاب عن أبي الطُّفيل عامر بن واثلة:
أن رجلًا مرَّ على قوم، فسلَّمَ عليهم، فردُّوا عليه السلام، فلما جاوزَهم قال رجل منهم: واللَّه إني لأُبْغِضُ هذا في اللَّه. فقال أهل المجلس: بئسَ واللَّهِ ما قُلْتَ، أما واللَّه لَنُنَبِّئنّه، قُم يا فلانُ -رجلًا منهم- فأخبِرْه، قال: فأدركَه رسولُهم فأخبره بما قال، فانصرفَ الرجلُ حتى أتى رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: يا رسول اللَّه، مَرَرْتُ بمجلس من المسلمين فيهم فلان، فسلَّمْتُ عليهم فردُّوا السلام، فلما جاوَزْتُهم أدركَني رجلٌ منهم فأخبرَني أن فلانًا قال: واللَّه إني لأُبْغِضَ هذا الرجلَ في اللَّه، فادْعُه فسَلْه: علامَ يُبْغِضُني؟ فدعاه رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فسألَه عمّا أخبَره الرجل، فاعترفَ بذلك وقال: أنا جارُه، وأنا به خابر، واللَّه ما رأيتُه يُصَلِّي صلاةً قَطُّ إلَّا هذه الصلاةَ المكتوبةَ التي يُصَلِّيها البَرُّ والفاجر. قال الرجل: سَلْه يا رسول اللَّه، هل رآني أخَّرْتُها عن وقتها، أو أسأتُ الوضوءَ لها، أو أسأتُ الركوعَ والسجودَ فيها. فسأله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك، فقال: لا. ثم قال: واللَّه ما رأيْتُه يصومُ قَطُّ إلَّا هذا الشهرَ الذي يصومُه البَرُّ والفاجرُ. قال: فسَلْه يا رسول اللَّه، هل رآني قطُّ فَرَّطْتُ فيه أو انتقصْتُ من حقِّه شيئًا. فسأله رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: لا. ثم قال: واللَّه ما رأيتُه يُعطي سائلًا قطُّ، ولا رأيته يُنْفِقُ من ماله شيئًا في شيءٍ من سبيل اللَّه إلَّا هذه الصَّدَقَةَ التي يُؤَدِّيها البَرُّ والفاجر. قال: فسَلْه يا رسول اللَّه، هل كَتمْتُ من الزكاة شيئًا قطُّ، أو ماكَسْتُ فيها طالبَها. قال: فسأله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك، فقال: لا. فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قُمْ، إنّ أدري لَعَلّه خيرٌ منك"(١).
(٢٦٧١) الحديث الرابع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد قال: أخبرنا الوليد بن عبد اللَّه بن جُمَيع عن أبي الطفيل قال:
لما أقبلَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من غزوة تبوك أمر مناديًا فنادى: إنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- آخذٌ العَقَبَةَ فلا يأخُذْها أحد. فبينما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقودُه حذيفةُ ويسوقُ به عمّارٌ يضربُ وجوه
(١) المسند ٥/ ٤٥٥، ورواه بعده مرسلًا، قال الهيثمي في المجمع ١/ ٢٩٥: رواه أحمد والطبراني في الكبير، ورجال أحمد ثقات أثبات. وقال ٢/ ٢٦٤: رجاله رجال الصحيح، إلا مظفر بن مدرك، وهو ثقة ثبت. والحديث في المختارة ٨/ ٢٣١ - ٢٣٣ (٢٦٧ - ٢٧٧).