للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخل العباس على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: إنا لنخرجُ فنرى قريشًا تَحَدَّثُ، فإذا رأَونا سكتُوا. فغضب رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ودَرَّ عِرْقٌ بين عينيه، ثم قال: "واللَّه لا يدخلُ قلبَ امرىءٍ مسلمٍ إيمانٌ حتى يحبَّكم للَّه ولقرابتي" (١).

(٢٧٣٣) الحديث الخامس: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: حدّثنا مَعمر عن الزهري قال: أخبرني كثير بن عبّاس بن عبد المطّلب عن أبيه العبّاس قال:

شهدتُ مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حُنينًا. قال: فلقد رأيتُ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وما معه إلّا أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب، فلَزِمْنا رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فلم نفارِقْه، وهو على بغلة شهباءَ -وربما قال معمر: بيضاءَ- أهداها له فَروةُ بن نُفاثة (٢) الجذامي. فلما التقى المسلمون والكفّار ولّي المسلمون مُدْبرين، فطَفِقَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يَركُضُ بغلَته قِبَلَ الكفّار. قال العبّاس: وأنا آخِذٌ بلجام بغلة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أَكُفُّها، وهو لا يألو ما أسرع نحو المشركين، وأبو سفيان بن الحارث آخذ بغَرْزِ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا عبّاس، نادِ أصحابَ السّمُرة" قال: وكنت رجلًا صَيّتًا. فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السَّمُرة؟ قال: فواللَّه لكأنّ عَطْفَتَهم حين سمعوا صوتي عطفَةُ البقر على أولادها. فقالوا: يا لبَّيْك، يا لبَّيْك (٣). وأقبل المسلمون فاقتتلوا هم والكفار، فنادت الأنصار، يقولون: يا معشر الأنصار، ثم قُصِرت الدعوة (٤) علي بني الحارث بن الخزرج: يا بني الحارث بن الخزرج. قال: فنظر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم، فقال: "هذا حينَ حَميَ الوَطيس" قال: ثم أخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حَصَيات رمى بهنّ وجوه الكفار، وقال: انهزموا وربِّ الكعبة". قال: وذهبتُ أنظُرُ، فإذا القتالُ على هيئته، فيما أرى، فواللَّه ما هو


(١) المسند ٣/ ٢٩٨ (١٧٧٧) وإسناده كسابقة، ومن طريق يزيد أخرج الترمذي الحديث وقال: هذا حديث حسن صحيح. وقريب منه في ابن ماجة ١/ ٥٠ (١٤٠) من طريق محمد بن كعب القرظي عن العبّاس. وقال البوصيري: رجاله ثقات، إلا أنّه قيل: إنّ رواية محمد بن كعب عن العبّاس مرسلة. وفي المستدرك ٤/ ٧٥ روى الحديث من طريق محمد بن كعب، ثم قال: هذا حديث يعرف من حديث يزيد بن أبي زياد عن عبد اللَّه بن الحارث عن العباس، فإذا حصل هذا الشاهد حكمنا له بالصحّة. وينظر ٣/ ٣٣٣، وقد ضعّف الألباني الحديث، وضعّف محقّقو المسند إسناده.
(٢) في المسند "ابن نعامة" وما عندنا توافقه رواية مسلم.
(٣) في المسند تكررت ثلاث مرات، وهي هكذا في مسلم.
(٤) في المسند "ثم قصّرت الداعون" والمثبت هنا من المخطوطة، موافقة لمسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>