للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: "اخْرُجْ في هذه السَّرِيَّة لعلّك أن تُصيبَ شيئًا فأُنَفِّلَكَهُ". قال: فخَرَجْنا حتى جِئْنا الحاضر مُمْسِين، فلما ذهبتْ فحمةُ العشاء بعثَنا أميرُنا رجلَين رجلَين، فأحطْنا بالعسكر، وقال: إذا كَبَّرْتُ وحَمَلْتُ فكَبِّرُوا واحمِلوا. وقال حين بعثنا رجلَين رجلَين: لا تَفْتَرِقا، ولا يُسْأَلَنَّ واحدٌ منكما عن خبر صاحبه فلا أجدُ عنده، ولا تُمْعِنوا في الطَّلَب. فلما أردْنا أن نحمِلَ سَمِعْنا رجلًا من الحاضر صرخَ: يا خضرة، فتفاءلْتُ بأنّا سنُصيب منهم خضرة. قال: فلما أعْتَمْنا كبَّر أميرُنا وحَمَل، وكبَّرْنا وحَمَلْنا. قال: فمرَّ بي رجل في يده سيف فاتَّبَعْتُه، فقال لي صاحبي: إنّ أميرَنا قد عَهِدَ إلينا ألّا نُمْعِنَ في الطَّلَب، فارجع، ولما أَبَيْتُ إلا أن أَتَّبعه قال: واللَّه لَتَرْجِعَنّ أو لأَرْجِعَنّ إليه ولأُخْبِرَنّه أنك أبيتَ. فقلتُ: واللَّه لأتَّبِعَنّه. فاتَّبعْتُه، حتى إذا دَنَوْتُ منه رَمَيْتُه بسهم على جُرَيداء مَتنه (١) فوقعَ. فقال: ادْنُ يا مسلمُ إلى الجنّة، فلما رآني لا أدنو إليه ورَمَيْتُه بسهم آخر فأثْخَنْتُه رماني بالسيف فأخطأَني، فأخذتُ السيف فقتلْتُه به واحتزَزْتُ به رأسه، وشَدَدْنا فأخذْنا نَعَمًا كثيرًا وغنمًا ثم انصرفْنا، فأصبحْتُ فإذا بعيري مقطورٌ به بعيرٌ عليه امرأة جميلة شابّة. قال: فجعلتْ تلتفتُ خلفَها فتُكْثِرُ، فقلت لها: إلى أين تلتفتين؟ قالت: إلى رجل، واللَّه إن كان حيًّا خالَطَكم. قالَ: قلتُ: وظَنَنْتُ أنّه صاحبي الذي قَتَلْتُ: قد واللَّهِ قَتَلْتُه، وهذا سيفُه وهو مُعَلَّقٌ بقَتَبِ البعير الذي أنا عليه، وغِمْد السيف ليس فيه شيء، معلَّق بقَتَب بعيرها. فلما قلتُ ذلك لها قالت: فدونك هذا الغِمد فشِمْه فيه إن كنتَ صادقًا. فأخذْتُه فشِمْتُه فيه فطبّقَه. فلما رأت ذلك بكتْ. قال: فقَدِمْنا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأعطاني من ذلك النَّعَم الذي قَدِمْنا به (٢).

* * * *


(١) قال ابنُ الأثير في النهاية ١/ ٢٥٧: جريداء متنه: أي وسطه، وهو موضع القفا المتجرّد عن اللحم، تصغير الجرداء.
(٢) المسند ٦/ ١١، وجدّة عبد الواحد بن أبي عون غير معروفة. قال الهيثمي ٦/ ٢٠٩: رواه أحمد، وفيه راوٍ لم يُسَمّ، وبقيّة رجاله ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>