فإذا أنهى المؤلّف المسانيد على النحو المذكور في الرجال، وجد أمامه كمًّا من الأحاديث في مصادره -وبخاصة المسند- لم يستطع أن يوردها تحت ما سبق. فيأتي بسبعة أحاديث لصحابة وقع الشكّ فيهم. ثم قسم لأحاديث الصحابة الذين يعرفون بكناهم ولم يهتد إلى أسمائهم. ثم أحاديث أقوام نُسبوا إلى أقاربهم: أخو خزيمة بن ثابت، عمّ أبي حرّة الرقاشي، ابن عمّ الأحنف بن قيس، ثمَّ أحاديث من عرفوا بالقرب إلى أقوام: مولى لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، مصدّق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، جار لخديجة. .
وابن الجوزيّ يجد في مواضع من المسند أحاديث جاءت تحت: رجال من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو: رجل سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو: حديث بعض أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (١). . حاول المؤلّف أن يرتّبَها، فقد يكون الحديث مرويًّا بالإسناد إلى رجل سمع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو أعرابيّ، أو رجل من جهينة، أو أنصاريّ. . فعليه جعلَ المؤلِّفُ مسانيد: رجل من بني سليم، رجل من جهينة، الفِراسيّ، رجلٌ من الأنصار، أعرابيّ، بدويّ. . .
وفي القسم الثاني -النساء- يسلك المنهاج نفسه، إلَّا أن الأحاديث الأخيرة فيه قليلة، مثل: حديث بعض أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، حديث امرأة. .
وكلّ واحدٍ من هؤلاء، تجمع أحاديثه تحت "مسند"، وقد يكون في هذا المسند حديث أو حديثان أو بضعة أحاديث أو مئات.
فإذا كان لصاحب المسند حديث واحد ذكره دون ترقيم، فإذا كان له أكثر من ذلك قال: الحديث الأوّل، الحديث الثاني. . الحديث العاشر. . الحديث الرابع بعد الثلاثمائة. . إلى أن ينتهي المسند.
وسيذكر المؤلّف الحديث على أتمّ صورة - في رأيه، ولن يذكر المكرّرات إلَّا لفائدة. فإن ذكر مكرّرًا قال: طريق آخر. وقليلًا ما يستخدم عبارات مثل: طريق فيه زيادة، طريق مختصر، وقد روي على غير هذا. . وهذه العنوانات تعني أنّه سيذكر رواية أو مكرّرًا للحديث.
ولو أردْنا أن نتحدّث عن "حديث" و"طريق"، لطال بنا المطاف، فكم طريقٍ كان يمكن أن يجعل حديثًا، يقابله أحاديث مفردة جعل أمثالها عنده طرقًا. فتحديد الأمرين فيه كلام. وأنبّه على كثير منه في التعليق على الكتاب.
(١) ينظر على سبيل المثال: المسند ٤/ ٦٢، ٥/ ٣٦٢، ٤١٢ وما بعدها.