للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْمَحوا لعبدي كإسماحه إلى عبيدي. ثم يُخرجون من النّار رجلًا فيقول له: هل عملت خيرًا قطُّ؟ فيقول: لا، غيرَ أنّي قد أمرت ولدي: إذا مِتُّ فأَحْرِقوني بالنار ثم اطحَنوني، حتى إذا كنتُ مثل الكُحل فاذهبوا بي إلى البحر فاذْرُوني في الرِّيح، فواللَّه لا يَقْدِرُ عليَّ ربُّ العالمين أبدًا. فقال اللَّه عزّ وجلّ: لِمَ فَعَلْتَ ذلك؟ قال: من مخافتك، قال: فيقول اللَّه عزّ وجلّ: انظر إلى مُلْكِ أعظمِ مَلِك، فإنَّ لك مثلَه وعشرةَ أمثاله. قال: فيقول: لِمَ تَسْخَرُ بي وأنت المَلِك؟ قال: وذلك الذي ضَحِكْتُ منه من الضُّحى" (١).

(٣٣٠٣) الحديث الثالث عشر: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا أبو عَوانة عن داود بن عبد اللَّه الأَوديّ عن حُميد بن عبد الرحمن قال:

تُوُفّي الرسولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبو بكر في طائفة من المدينة. قال: فجاء فكشفَ عن وجهه فقبَّلَه وقال: فِدًى لك أبي وأمي، ما أطيبَك حيًّا ومَيْتًا، ماتَ محمّد وربِّ الكعبة. فذكر الحديث.

قال: وانطلق أبو بكر وعمر يتقاوَدان حتى أتَوهم، فتكلَّم أبو بكر فلم يتركْ شيئًا أُنزل في الأنصار ولا ذكره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من شأنهم إلَّا ذكره. وقال: لقد عَلِمْتُم أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لو سَلَكَ الناسُ واديًا وسلَكَتِ الأنصارُ واديًا سلكْتُ واديَ الأنصار" ولقد علمتَ يا سعدُ أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال وأنت قاعد: "قريشٌ ولاة هذا الأمر، فبَرُّ النّاس تَبَعٌ لبَرِّهم، وفاجِرُهم تَبَعٌ لفاجرهم". قال: فقال سعد: صَدَقْتَ، نحن الوزراءُ، وأنتم الأمراء (٢).


(١) المسند ١/ ١٩٣ (١٥)، وأبو يعلى ١/ ٥٦، ٦٠ (٥٦، ٥٧)، ومن طريق النضر أخرجه ابن أبي عاصم في السنة ١/ ٥٤٩ (٨٣٣). قال الهيثمي ١٠/ ٣٧٧ بعد أن نسبه لأحمد وأبي يعلى والبزّار: ورجالهم ثقات. وفي صحيح ابن حبان ١٤/ ٣٩٣ (٦٤٧٦): أخبرنا عبد اللَّه بن محمد الأزدي بخبر غريب، حدّثنا إسحاق ابن إبراهيم حدّثنا النضر وقال عقبه: قال إسحاق: هذا من أشرف الحديث، وقد روى هذا الحديث عدَّةٌ عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نحو هذا، منهم حذيفة وابن مسعود وأبو هريرة وغيرهم. وقد قوَّى محقّق ابن حبّان إسناده، وحسّنوه في المسند، وصحّح شاكر إسناده، ومحقّق السنة. وذكر المحقّقون شواهد للحديث تصحّحه.
(٢) المسند ١/ ١٩٨ (١٨). وقد ذكر الشيخ شاكر ومحقّقو المسند أنّه مرسل، لأنَّ حميدًا لم يدرك الصدّيق، ولم يصرّح بمن حدّثه. وذكر محقّقو المسند شواهد تصحّحه لغيره.
وتمام الخبر في حديث "السقيفة" الطويل، وهو في المسند ١/ ٤٤٩ (٣٩١) - مسند عمر، ويأتي في مسند عمر (٥٨٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>